باب فى ثمن الخمر والميتة
حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا شعبة عن سليمان عن أبى الضحى عن مسروق عن عائشة قالت لما نزلت الآيات الأواخر من سورة البقرة خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقرأهن علينا وقال « حرمت التجارة فى الخمر ».
الخمر أم الخبائث، وقد حذر الشرع من شربها ومن التجارة فيها؛ لما يترتب عليها من ضرر على الفرد والمجتمع
وفي هذا الحديث تخبر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنه لما نزلت آخر سورة البقرة قرأهن النبي صلى الله عليه وسلم على الناس في المسجد النبوي، وزادت رواية في الصحيحين: «في الربا»، والمراد: قول الله تعالى: {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} إلى قوله تعالى: {لا تظلمون ولا تظلمون} [البقرة: 275 - 279]، وفيها تحريم الربا. ثم حرم صلى الله عليه وسلم التجارة في الخمر أيضا بيعا وشراء؛ لأنها نوع من التعامل بالمحرم، ووسيلة من وسائل الوقوع فيه. والخمر من التخمير، وهو: التغطية؛ سميت بذلك لأنها تغطي العقل، فتكون رأسا لوقوع العبد الشارب في الموبقات
ومن المعلوم أن تحريم الخمر ورد في سورة المائدة، في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون * وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين} [المائدة: 90، 92]، وقد نزلت قبل آية الربا بمدة طويلة؛ فإن آية الربا آخر ما نزل أو من آخر ما نزل، فيحتمل أنه أخبر بتحريم التجارة حين حرمت الخمر، ثم أخبر به مرة أخرى بعد نزول آية الربا؛ توكيدا ومبالغة في إشاعته، أو قرن بينهما تنبيها على أن الربا والخمر في الحرمة سواء. ولعله حضر المجلس من لم يكن بلغه تحريم التجارة فيها قبل ذلك
وفي الحديث: التشديد في التجارة بالخمر، حيث قرنه الشارع بالربا المتوعد عليه
وفيه: اهتمام الشارع بشأن الربا والخمر، حيث أشاعه في المسجد تأكيدا وتشديدا في تحريمه