باب فى حسن العشرة
حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن ابن المنكدر عن عروة عن عائشة قالت استأذن رجل على النبى -صلى الله عليه وسلم- فقال « بئس ابن العشيرة ». أو « بئس رجل العشيرة ». ثم قال « ائذنوا له ». فلما دخل ألان له القول فقالت عائشة يا رسول الله ألنت له القول وقد قلت له ما قلت. قال « إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من ودعه - أو تركه - الناس لاتقاء فحشه ».
الفحش مذموم كله، وليس من أخلاق المؤمنين؛ فينبغى لمن ألهمه الله رشده أن يجتنب الفحش، وأن يعود لسانه طيب القول، وله في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة؛ فإنه كان لا يقول فحشا ولا يحب أن يسمعه
وفي هذا الحديث تخبر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رجلا استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآه صلى الله عليه وسلم قال عنه: «بئس أخو العشيرة، وبئس ابن العشيرة»، و«بئس» كلمة تقال للذم، وأخو العشيرة وابن العشيرة المراد بهما أحد أفراد القبيلة، وهي من الكلمات الشائعة عند العرب
فلما جلس الرجل انشرح له النبي صلى الله عليه وسلم وابتسم في وجهه، فذكره النبي صلى الله عليه وسلم بالعيب الذي عرفه به قبل أن يدخل، ولم يستقبله بعيوبه؛ لأن هذا من الفحش الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صلى الله عليه وسلم أبعد الناس عنه، فلما غادر الرجل سألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الفعل، وأنه قال على الرجل: بئس أخو العشيرة وابن العشيرة، ثم عامله بهذه الطريقة؟! فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «يا عائشة، متى عهدتني فحاشا؟»، يعني: متى علمت أنني أتلفظ بالفحش من القول؟! والمراد: أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن ليسب الرجل أو يقول له كلاما فاحشا في مجلسه، ثم أخبرها صلى الله عليه وسلم بأن شر الناس عند الله منزلة الذي يجتنبه الناس ويتركونه اتقاء شره وفحشه، وكان هذا الرجل منهم، ففعل معه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك؛ مداراة واتقاء لشره وفحشه. وهذا ليس من الغيبة المنهي عنها، ولكنه لتعريف الناس أمر هذا الرجل وزجرهم عن مثل مذهبه، ولبيان مشروعية مدارة أهل السوء والشر اتقاء لشرهم، ما لم يؤد ذلك إلى المداهنة في دين الله تعالى. وقيل: لعل هذا الرجل قد تجاهر بالسوء، ولا غيبة لمجاهر