باب فى حق المملوك
حدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يونس حدثنا الأعمش عن المعرور بن سويد قال دخلنا على أبى ذر بالربذة فإذا عليه برد وعلى غلامه مثله فقلنا يا أبا ذر لو أخذت برد غلامك إلى بردك فكانت حلة وكسوته ثوبا غيره قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول « إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يديه فليطعمه مما يأكل وليكسه مما يلبس ولا يكلفه ما يغلبه فإن كلفه ما يغلبه فليعنه ». قال أبو داود ورواه ابن نمير عن الأعمش نحوه.
لم يفرق الإسلام بين المسلمين جميعهم باللون أو الجنس أو الطبقة؛ بل أمر المسلمين بمعاملة بعضهم بعضا معاملة حسنة، كما أمرهم بحسن الخلق، وبذل الإحسان للناس وخاصة أهل الصنائع الذين يخدمون الناس، وفي هذه الرواية - التي جمعت بين روايتي البخاري وأبي داود- أن أبا ذر الغفاري رضي الله عنه، كان قد شتم رجلا وعيره بأمه، فلما سمعه النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية»، ثم قال النبي: «هم إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم»، أي: هم الذين يخولون أموركم بمعنى يصلحونها من العبيد والخدم وهم إخوانكم في الدين، جعلهم الله سبحانه وتعالى تحت سلطانكم، «فمن كان أخوه تحت يده" أي: يخدمه "فليطعمه مما يأكل، ويلبسه مما يلبس" أي: فعلى السيد أن يتكلف بإطعام خادمه ومملوكه وكسوته "ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم» يعني: لا تطلبوا منهم من العمل ما لا يستطيعون فعله، فإن أمرتموهم بشيء من ذلك فعليكم إعانتهم، "ومن لم يلائمكم"، أي: ومن لم يكن مساعدا وموافقا لكم "منهم"، أي: من المماليك، "فبيعوهم، ولا تعذبوا خلق الله"، فأمر ببيعه مخافة ضربه وإيذائه لعدم فائدته، وفي هذا إشارة إلى العفو عنه وعدم ضربه لحضه على الخدمة، وقوله: "ولا تعذبوا خلق الله"؛ فأنتم وهم سواء في كونكم خلق الله تعالى، ولا يدخل في هذا ضرب الدواب التي لا تعقل ضربا غير مبرح للتأديب؛ لأنها لا تتأدب بالكلام كالإنسان
وفي الحديث: تقبيح أمور الجاهلية وأخلاقها، وأنها زائلة بالإسلام، وأن على كل مسلم هجرانها واجتنابها، وألا يكون فيه شيء من أخلاقهم
وفيه: الحث على الإحسان إلى الرقيق والخدم ومن في معناهم كالأجير وغيره، والرفق بهم
وفيه: عدم الترفع على المسلم، والنهي عن احتقاره