باب فى حلق الرأس

باب فى حلق الرأس

حدثنا عقبة بن مكرم وابن المثنى قالا حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبى قال سمعت محمد بن أبى يعقوب يحدث عن الحسن بن سعد عن عبد الله بن جعفر أن النبى -صلى الله عليه وسلم- أمهل آل جعفر ثلاثا أن يأتيهم ثم أتاهم فقال « لا تبكوا على أخى بعد اليوم ». ثم قال « ادعوا لى بنى أخى ». فجىء بنا كأنا أفرخ فقال « ادعوا لى الحلاق ». فأمره فحلق رءوسنا.

حث الإسلام على الشفقة والرحمة، خاصة للأيتام، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مثالا لتلك الصفات بين الناس، ويظهر ذلك في مواقفه صلى الله عليه وسلم مع الجميع، الكبير والصغير، والقريب والبعيد، ومنها ما جاء في هذا الحديث، حيث يقول عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما: "أمهل رسول الله صلى الله عليه وسلم آل جعفر ثلاثة أن يأتيهم، ثم أتاهم"، أي: إن النبي صلى الله عليه وسلم أجل مجيئه إلى أهل جعفر بن أبي طالب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، بعدما استشهد في غزوة مؤتة؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم تركهم يبكون جعفرا ثلاث ليال، ثم جاءهم فقال لهم: "لا تبكوا على أخي بعد اليوم"، أي: كفوا عن البكاء على جعفر بعد هذا اليوم الثالث، ثم قال: "ادعوا إلي بني أخي"، أي: أحضروا لي أبناء أخي جعفر، وجعفر رضي الله عنه أخو النبي صلى الله عليه وسلم في الرضاعة، أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب، وأبناء جعفر هم: عبد الله، ومحمد، وعون، وأمهم أسماء بنت عميس رضي الله عنها
قال عبد الله بن جعفر: "فجيء بنا كأنا أفرخ"، أي: أتي بنا وكأننا أفرخ، والأفرخ: ما يكون من ولد الطير الصغير، ووجه تشبيهه رضي الله عنه لهم بالأفرخ أن شعورهم كانت صغيرة مثل ريش الطير الصغير، أو لأنهم كانوا ضعفاء ويبدو عليهم التعب والنحافة كأنهم أفراخ فقدوا من يطعمهم ويرعاهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ادعوا إلي الحلاق"، أي: ائتوا لي بالحلاق، "فأمر بحلق رؤوسنا"، أي: أمر الحلاق أن يحلق رؤوسنا، قيل في ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم لما رأى أن أمهم أسماء بنت عميس مشتغلة بالحزن على زوجها عن تسريح شعورهم، فأشفق عليهم من الوسخ والقمل.
وفي رواية أخرى تتمة لهذا الحديث، وفيها: ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما محمد فشبيه عمنا أبي طالب، وأما عبد الله فشبيه خلقي وخلقي، ثم أخذ بيدي فأشالها، فقال: اللهم اخلف جعفرا في أهله، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه، قالها ثلاث مرار، قال: فجاءت أمنا فذكرت له يتمنا، وجعلت تفرح له، فقال: العيلة تخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا والآخرة؟!"
وفي الحديث: مواساة أهل الميت وخدمتهم