باب فى شرط فى بيع
حدثنا مسدد حدثنا يحيى - يعنى ابن سعيد - عن زكريا حدثنا عامر عن جابر بن عبد الله قال بعته - يعنى بعيره - من النبى -صلى الله عليه وسلم- واشترطت حملانه إلى أهلى قال فى آخره « ترانى إنما ماكستك لأذهب بجملك خذ جملك وثمنه فهما لك ».
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أحوال أصحابه من حيث الغنى والفقر، والضيق والسعة، وكان ربما أجرى معهم بعض الأحداث؛ ليعطيهم دون إراقة ماء وجوههم
وفي هذا الحديث يروي جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه كان يسير على جمل له قد تعب وصار ضعيفا، وكان ذلك في سفر، قيل: كان في فتح مكة، وإنهم كانوا راجعين منها إلى المدينة، فأراد أن يطلقه في الصحراء، فلحقه النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا له وضرب الجمل، فأخبر جابر رضي الله عنه أن الجمل أصبح قويا وسريعا بعد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم إياه، ومشى مشيا لم يمش مثله من قبل، ثم طلب النبي صلى الله عليه وسلم من جابر أن يشتري منه جمله بوقية من فضة، والوقية: قدرها أربعون درهما، وتساوي 201 جرام تقريبا، فرفض جابر رضي الله عنه أن يبيعه للنبي صلى الله عليه وسلم، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كرر عرضه له، فوافق جابر رضي الله عنه، واشترط على النبي صلى الله عليه وسلم ألا يأخذ الجمل قبل الوصول إلى المدينة، بحيث يركبه جابر حتى يصل إليها، فلما وصلوا المدينة ذهب جابر بالجمل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم ثمنه نقدا عندما تسلم الجمل، ثم رجع جابر رضي الله عنه، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم خلفه من يدعوه إليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم له: «أتراني ماكستك لآخذ جملك؟!» والمماكسة: هي المساومة على البيع والشراء مع المناقصة في الثمن، والمعنى: هل تظن أنني ساومتك على جملك لآخذه منك؟! «خذ جملك ودراهمك؛ فهو لك»، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يقول له: إنما أردت أن أوجد سببا لإعطائك مالا، وكان جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يعول أخواته البنات بعد موت أبيه في غزوة أحد. وهذا من حسن مراعاة النبي صلى الله عليه وسلم لأحوال أصحابه
وفي الحديث: مشروعية طلب شراء سلعة وإن لم يعرضها صاحبها للبيع، والمساومة على البيع
وفيه: اشتراط منفعة معينة في العين المبيعة
وفيه: أن نقد الثمن يكون عند تسليم السلعة
وفيه: مشروعية بيع البعير واستثناء ركوبه
وفيه: بيان أنه إذا باع بشرط لا يتنافى مع مقصود العقد، جاز البيع والشرط