باب فى صلة الرحم.
حدثنا أحمد بن صالح ويعقوب بن كعب - وهذا حديثه - قالا حدثنا ابن وهب قال أخبرنى يونس عن الزهرى عن أنس قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « من سره أن يبسط له فى رزقه وينسأ له فى أثره فليصل رحمه ».
صلة الرحم من أفضل الطاعات التي يتقرب بها العبد إلى ربه عز وجل، وقد أمر الله بها، وحذر من قطعها، وجعل قطعها موجبا للعذاب، ووصلها موجبا للمثوبة
وفي هذا الحديث يخبر صلى الله عليه وسلم بفضل صلة الرحم في الدنيا، والمراد بالأرحام: أقارب الإنسان، وكل من يربطهم رابط نسب، سواء أكان وارثا لهم أو غير وارث، وتتأكد الصلة به كلما كان أقرب إليه نسبا.
فيخبر أنه بصلة الأرحام يوسع الله تعالى الأرزاق ويبارك فيها؛ فمن أحب ذلك فليصل رحمه. وقوله: «وينسأ له في أثره»، يعني: يطول الله في عمر الواصل، ومعنى تأخير الأجل وزيادة العمر: الزيادة بالبركة فيه، والتوفيق للطاعات، وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة، وصيانته عن الضياع في غير ذلك. أو المراد: بقاء ذكره الجميل بعده، فكأنه لم يمت، وقيل: الأجل أجلان: أجل مطلق يعلمه الله، وأجل مقيد؛ فإن الله أمر الملك أن يكتب للإنسان أجلا، وقال: إن وصل رحمه زدته كذا وكذا. والملك لا يعلم أيزداد أم لا، لكن الله تعالى يعلم ما يستقر عليه الأمر
وقد ورد الحث فيما لا يحصى من النصوص الشرعية على صلة الرحم، وتكون الصلة بـمعاودتهم وتفقد أحوالهم وزيارتهم، والكلام الطيب وإعانتهم على الخير، وبذل الصدقات في فقرائهم، والهدايا لأغنيائهم، ونحو ذلك مما يعد صلة في العرف، وليس الواصل بالمكافئ؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها» كما رواه البخاري
وفي الحديث: بيان أن الأعمال الصالحة يبقى أثرها، ويمتد ذكرها في حياة الإنسان وبعد موته، وتكون له عمرا مديدا يضاف إلى عمره الحقيقي