باب فى كراهية التمادح
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا أبو شهاب عن خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن أبى بكرة عن أبيه أن رجلا أثنى على رجل عند النبى -صلى الله عليه وسلم- فقال له « قطعت عنق صاحبك ». ثلاث مرات ثم قال « إذا مدح أحدكم صاحبه لا محالة فليقل إنى أحسبه كما يريد أن يقول ولا أزكيه على الله ».
تزكية الناس بالخير أو ذمهم بالشر أمر خطير، وقد وضع الإسلام ضوابط لذلك، فجعل معرفة الموصوف معرفة جيدة شرطا في وصفه بالخير أو الشر، كما حذر من وصف الإنسان بما ليس فيه، وغير ذلك
وفي هذا الحديث يروي أبو بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه أن رجلا مدح رجلا آخر عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ويلك! -وهي كلمة لا يراد بها الدعاء على الشخص، ولكن يراد بها الزجر أو الحث على شيء معين، وهي كلمة ترحم وتوجع تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها- قطعت عنق صاحبك، أي: أهلكته وأضررت به، فربما جره ذلك المدح إلى العجب والغرور، فيصبح كالمقطوع الرأس المتوقف عن الحركة، يكرر النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول كثيرا؛ تحذيرا وتنبيها لهول الكلمة، ثم بين صلى الله عليه وسلم: أنه إذا كان لا بد من المدح؛ لأن المقام يقتضي الثناء عليه اقتضاء شرعيا، كتزكية الشاهد مثلا، أو لا بد من الثناء عليه لمصلحة مشروعة أخرى، فليقل: «أحسب فلانا، والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحدا، أحسبه كذا وكذا، إن كان يعلم ذلك منه»، فليقتصر على وصفه بما يعلم فيه من خصال الخير الموجودة، ويقول أثناء وصفه له: أحسبه رجلا عدلا، أو صالحا، أو كريما مثلا، فلا يقطع ولا يجزم بعاقبة أحد بخير أو غيره؛ لأن الله يعلم سره، وهو الذي يجازيه؛ إن خيرا فخيرا، وإن شرا فشرا، ولا يقل: أتيقن ولا أتحقق أنه محسن، جازما به
وفي الحديث: التحذير من وصف الناس بما لا يعلمه الواصف