باب فى مال الكعبة

باب فى مال الكعبة

 حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربى عن الشيبانى عن واصل الأحدب عن شقيق عن شيبة - يعنى ابن عثمان - قال قعد عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - فى مقعدك الذى أنت فيه فقال لا أخرج حتى أقسم مال الكعبة. قال قلت ما أنت بفاعل. قال بلى لأفعلن. قال قلت ما أنت بفاعل. قال لم قلت لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد رأى مكانه وأبو بكر - رضى الله عنه - وهما أحوج منك إلى المال فلم يخرجاه. فقام فخرج.

( حَتَّى أَقْسِمَ مَالَ الْكَعْبَةِ ) : أَيِ الْمَدْفُونُ فِيهَا . وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أَدَعَ فِيهَا صَفْرَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ إِلَّا قَسَمْتُهُ ، وَفِي لَفْظٍ لَهُ : إِلَّا قَسَمْتُهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ . وَعِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ لَا أَخْرُجُ حَتَّى أَقْسِمَ مَالَ الْكَعْبَةِ بَيْنَ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ . قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : غَلِطَ مَنْ ظَنَّ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ حِلْيَةُ الْكَعْبَةِ ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْكَنْزُ الَّذِي بِهَا وَهُوَ مَا كَانَ يُهْدَى إِلَيْهَا فَيُدَّخَرُ مَا يَزِيدُ عَنِ الْحَاجَةِ ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُهْدُونَ إِلَى الْكَعْبَةِ الْمَالَ تَعْظِيمًا إِلَيْهَا فَيَجْتَمِعُ فِيهَا ( قَدْ رَأَى مَكَانَهُ ) : أَيْ مَكَانَ الْمَالِ ( فَلَمْ يُحَرِّكَاهُ ) : أَيْ لَمْ يُخْرِجَا الْمَالَ عَنْ مَوْضِعِهِ . قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ : أَرَادَ عُمَرُ لِكَثْرَتِهِ إِنْفَاقَهُ فِي مَنَافِعِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ لَمَّا ذُكِّرَ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ أَمْسَكَ ، وَإِنَّمَا تَرَكَا ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ مَا جُعِلَ فِي الْكَعْبَةِ وَسُبِّلَ لَهَا يَجْرِي مَجْرَى الْأَوْقَافِ فَلَا يَجُوزُ تَغْيِيرُهُ عَنْ وَجْهِهِ ، وَفِي ذَلِكَ تَعْظِيمُ الْإِسْلَامِ وَتَرْهِيبُ الْعَدُوِّ 

قُلْتُ : هَذَا التَّعْلِيلُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ مِنَ الْحَدِيثِ بَلْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَرَكَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِذَلِكَ رِعَايَةً لِقُلُوبِ قُرَيْشٍ كَمَا تَرَكَ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي بِنَاءِ الْكَعْبَةِ لَأَنْفَقْتُ كَنْزَ الْكَعْبَةِ وَلَفْظُهُ " لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِكُفْرٍ لَأَنْفَقْتُ كَنْزَ الْكَعْبَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَجَعَلْتُ بَابَهَا بَالْأَرْضِ " الْحَدِيثَ . فَهَذَا التَّعْلِيلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ ، قَالَهُ الْحَافِظُ 

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ بِنَحْوِهِ . وَشَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ هَذَا هُوَ الْقُرَشِيُّ الْعَبْدَرِيُّ لَهُ صُحْبَةٌ ، كُنْيَتُهُ أَبُو عُثْمَانَ وَيُقَالُ أَبُو صَفِيَّةَ