باب: في الأجراس, وأن الملائكة لا تصحب رفقة فيها كلب ولا جرس 3
بطاقات دعوية
عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الضرب في الوجه وعن الوسم في الوجه. (م 6/ 163
الوجْهُ هو المعبِّرُ عن جَمالِ الإنسانِ وكَرامتِه ووَجاهتِه بيْنَ النَّاسِ، وفيه أهمُّ الحواسِّ، وقدْ حرَصَ الإسلامُ على حِفظِ وُجوهِ النَّاسِ ماديًّا ومَعنويًّا، وكذلك فإنَّ الوجهَ به قِوامُ الحيوانِ، ولمَّا كان بهذه المكانةِ احتَرَمَه الشَّرعُ، ونَهى أنْ يُتعرَّضَ له بإهانةٍ ولا تَقبيحٍ ولا تَشويهٍ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى عَنِ الضَّربِ في الوجهِ، وعَن الوَسْمِ في الوجْهِ، وهو الكَيُّ بِالنَّارِ؛ لِيكونَ عَلامةً، وأكثرُ ما يكونُ في الحيوانِ، وإنَّما نَهى عن ضَربِ الوجْهِ ووَسْمِه؛ لأنَّ الوجهَ لَطيفٌ يَجمَعُ المحاسنَ، ولأنَّه أوَّلُ الأعضاءِ في المقابَلةِ والتَّحدُّثِ، ولأنَّ أعضاءَه نَفيسةٌ لطيفةٌ، وأكثَرَ الإِدراكِ بها؛ فقدْ يُبطلُها ضرْبُ الوجهِ، وقد يَنقصُها، وقد يُشوِّهُ الوجْهَ، ولأنَّ الشَّينَ في الوجه فاحشٌ؛ لأنَّه بارِزٌ ظاهِرٌ لا يمكِنُ سَتْرُه، ومتى ضرَبَه لا يَسلمُ مِنَ الشَّينِ غالبًا، ويشمِل النَّهيُ ضرْبَ الخادمِ والزَّوجةِ والولدِ لِلتَّأديبِ، وتأثيرُ الوَسْمِ أشدُّ.
أمَّا وَسْمُ الحيوانِ فيُحتاجُ إليه لِيَعرِفَ النَّاسُ به بَهائمَهم، فإنْ فُعِل فلْيَكُنْ في «جَاعِرتَيْه»، كما رواهُ مُسْلمٌ عن ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما، والجاعِرتانِ هما حرْفَا الوَرِكِ المُشرِفانِ مِمَّا يَلِي الدُّبرَ؛ وذلك لِتكونَ العلامةُ في أَبعدِ جُزءٍ عن الوجهِ مِن جِسمِ الدَّابَّةِ، ويَقتصِرُ فيه على ما يَحصُلُ به المقصودُ، ولا يُبالِغُ حتَّى لا يَقَعَ في التَّعذيبِ ولا التَّشويهِ.