باب: في الأجراس, وأن الملائكة لا تصحب رفقة فيها كلب ولا جرس 2
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الجرس مزامير الشيطان. (م 6/ 163
الشَّيطانُ تَوعَّدَ بَني آدمَ بالغِوايةِ والتَّهلُكةِ، وله مَداخلُ كَثيرةٌ لِتَحقيقِ غايتِه لإبعادِ الإنسانِ عن كلِّ خَيرٍ وكلِّ طاعةٍ للهِ؛ فيُزَيِّنُ له المحرَّماتِ بكلِّ أنواعِها، ويُوَسوِسُ له بالحِيَلِ الَّتي تُظهِرُ الحرامَ في صُورةٍ مَرغوبةٍ ويُحبِّبُها له، وقدْ بيَّن الشَّرعُ في القرآنِ والسُّنَّةِ كَيفيَّةَ الوقايةِ مِن حَبائلِ الشَّيطانِ.
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ «الجرسَ مَزاميرُ الشَّيطانِ»، فأَخبرَ عَنِ المفرَدِ (الجَرَسُ) بالجمعِ (مَزاميرُ)؛ إمَّا لإرادةِ جنْسِ الجرَسِ فيَشمَلُ كلَّ أفرادِه، أو لأنَّ صَوتَ الجرَسِ لا يَنقطِعُ كلَّما تَحرَّكَ المعلَّق به، لا سِيَّما في السَّفرِ، وأضافَه إلى الشَّيطانِ؛ لأنَّ صوتَه لم يَزلْ يَشغَلُ الإنسانَ عن الذِّكرِ والفِكْرِ. والجَرَسُ بفَتحتينِ: هو ما يُعلَّقُ في أعناقِ الإبلِ وغيرِها مِن الدَّوابِّ ممَّا له صَلْصلةٌ وصَوتٌ، ويُجمَعُ على أجراسٍ، والمزاميرُ جمْعُ مِزمارٍ، وهي الآلةُ والعُودُ الَّذي يُغنِّي به المُغَنِّي، ويُخرِجُ منه أصواتًا مُختلِفةً وألحانًا مُتعدِّدةً، يَزيدُ بذلكَ أغانيَه طَرَبًا وتَرنُّمًا، فيَتغنَّى على نَغَمِ صَوتِها.
وقد قيلَ: إنَّ الجرَسَ يُشبِهُ ناقوسَ النَّصارَى الَّذي يَدْعون به إلى صَلاتِهم، فكَرِهَه النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لذلك، أو لأنَّ الجرَسَ بصَوتِه يَدُلُّ على مَكانِ أصحابِه إذا كانوا مُسافِرين، فرُبَّما دَهَمَهم عدوٌّ وهو يتَتبَّعُ صَوتَ الجرَسِ، فيَجلِبُ عليهم الشَّرَّ.
وفي الحديثِ: الزَّجرُ عنِ استِخْدامِ الجرَسِ وما يُشبِهُه مِن الآلاتِ، والزَّجرُ عن مَزاميرِ الشَّيطانِ، وكلِّ ما يُلْهي عنِ الطَّاعاتِ والذِّكرِ.