باب في الأمل وطوله 2
بطاقات دعوية
عن أنس بن مالك قال: خط النبي - صلى الله عليه وسلم - خطوطا، فقال:
"هذا الأمل، وهذا أجله، فبينما هو كذلك إذ جاءه الخط الأقرب".
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحسَنَ النَّاسِ تَعليمًا، وكان يُعلِّمُ أصحابَه مِن المواقفِ التي تمُرُّ عليهم، ويَضرِبُ لهم فيها الأمثالَ؛ ليُوضِّحَ لهم طَريقَ الهِدايةِ، وليُرشِدَهم إلى ما يُصلِحُهم في الدُّنيا والآخرةِ
وفي هذا الحَديثِ يروي أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خطَّ خُطوطًا، أي: رسمها على الأرضِ، فأشار إلى خَطٍّ منها، وقال: «هذا الأمَلُ» وهو ما يَرْجوه الإنسانُ مِن نَعيمِ الدُّنيا، «وهذا أجَلُه» والخطُّ الآخَرُ يشيرُ به إلى قِصَرِ عُمُرِه مقارنةً بخَطِّ الأمَلِ، «فبيْنما هو كذلك» طالبٌ لأمَلِه البَعيدِ، «إذْ جاءه الخطُّ الأقرب» وهو الأجَلُ المحيطُ به؛ إذ لا شكَّ أنَّ الخيطَ المُحيطَ هو أقْرَبُ مِن الخطِّ الخارجِ عنه.
وفي الحَديثِ: التعليم بما تُدركه الأبصار؛ ليكون أَدْعى إلى تعليم السامعين في سرعة؛ ليُدرك ذلك من سمِعه بسمعِه وبصرِه
وفيه: التَّنبيهُ على أنَّ الأجَلَ مَقسومٌ مَعلومٌ لا يَتجاوَزه مُتجاوِزٌ
وفيه: أنَّ الأجلَ لا يَعلَمُه أحدٌ إلَّا اللهُ سُبحانَه وتعالَى، وأنَّه غُيِّب عن الآدميِّين؛ ولذلك تَجاوزَتْه الآمالُ، وبعَّدتْه الأطماعُ
وفيه: أنَّ الدُّنيا مَدارُها على طُولِ الأملِ، وهو الذي يُثمِرُ التَّسويفَ بأعمالِ الخيرِ، والصَّبرَ على أعمالِ الشَّرِّ؛ فعلى العاقِلِ أن يحتاطَ لنَفْسِه