باب في الاستتار عند الحاجة
عن الأعمش، قال: قال ابن عمر: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض»، وكلا الحديثين مرسل، ويقال: لم يسمع الأعمش من أنس بن مالك، ولا من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقد نظر إلى أنس بن مالك، قال: رأيته يصلي فذكر عنه حكاية في الصلاة والأعمش اسمه سليمان بن مهران أبو محمد الكاهلي، وهو مولى لهم. قال الأعمش: كان أبي حميلا فورثه مسروق
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَيِيًّا، ويُعلِّمُ أمَّتَه الحياءَ، وكانَت العرَبُ لا يتَّخِذون الكُنُفَ والحمَّاماتِ في البُيوتِ، ويَتخَلَّوْن في الخلاءِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ رضِيَ اللهُ عنهما: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا أراد حاجةً"، أي: أراد قضاءَ حاجةٍ مِن التَّبوُّلِ أو التَّبرُّزِ في الخَلاءِ، وكان مِن عادتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه يَبتعِدُ عن الأعيُنِ؛ حتَّى لا يَراه أحَدٌ، ومع ذلك كان "لا يَرفَعُ ثوبَه حتَّى يَدنُوَ مِن الأرضِ"، أي: كان لا يرفَعُ ثوبَه، ولا يكشَفُ عورتَه إلَّا إذا اقترَبَ مِن الأرضِ؛ وهذا أكثرُ سِترًا وتحرُّزًا.
وفي الحديثِ: الحثُّ على التحرُّزِ للخَلاء، ولِكَشفِ العورةِ؛ حتَّى لا يراها أحدٌ.