باب في فضل النبي صلى الله عليه وسلم3
سنن الترمذى
حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع بن الوليد البغدادي قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قالوا يا رسول الله متى وجبت لك النبوة؟ قال: «وآدم بين الروح والجسد»: «هذا حديث حسن غريب من حديث أبي هريرة لا نعرفه إلا من هذا الوجه»
النُّبوَّةُ اصْطِفاءٌ من اللهِ تعالى، وقد اختارَ صَفْوةَ البَشَرِ؛ ليَكونوا المِثالَ الواقِعيَّ الحَيَّ للمُثُلِ والقِيَمِ الرَّبانِيَّةِ التي ارْتَضاها للبَشَرِيَّةِ شِرْعةً ومِنْهاجًا.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أبو هُرَيْرةَ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ أصْحابَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "قالوا: يا رسولَ اللهِ، متى وَجَبَتْ لك النُّبوَّةُ؟"، أي: متى ثَبَتَتْ لك النُّبوَّةُ، "قال : وآدَمُ بين الرُّوحِ والجَسَدِ" يعني: ثَبَتَتْ نُبوَّتي بعدَ خَلْقِ جَسَدِ آدَمَ، وقبلَ نَفْخِ الرُّوحِ فيه، والمَعْنى: أنَّ اللهَ كَتَبَ نُبوَّتَهُ، فأظْهَرَها وأَعْلَنَها بعدَ خَلْقِ جَسَدِ آدَمَ، وقبلَ نَفْخِ الرُّوحِ فيه، كما أَخْبَرَ أنَّه يُكتَبُ رِزقُ المولودِ وأَجَلُهُ وعَمَلُهُ وشَقاوَتُهُ وسَعادَتُهُ بعدَ خَلْقِ جَسَدِهِ، وقبلَ نَفْخِ الرُّوحِ، ومُحمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ؛ فهو أعْظَمُ الذَّرِّيَّةِ قَدْرًا وأرْفَعُهُم ذِكْرًا، وهذا يَعني أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان نبيًّا منذُ ذلك الوقتِ في عِلْم اللهِ الأزَليِّ.