باب: ومن سورة محمد صلى الله عليه وسلم2
سنن الترمذى
حدثنا عبد بن حميد قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا شيخ، من أهل المدينة عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما هذه الآية {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} [محمد: 38] قالوا: ومن يستبدل بنا؟ قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على منكب سلمان ثم قال: «هذا وقومه هذا وقومه». «هذا حديث غريب في إسناده مقال» وقد روى عبد الله بن جعفر، أيضا هذا الحديث عن العلاء بن عبد الرحمن
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّمَ يَعرِفُ قدْرَ أصحابِه رَضِي اللهُ عنهم وفضلَهم، ويُخبِرُ بذلك؛ حتَّى يَعرِفَ لهم قَدْرَهم مَن يأتي بَعْدَهم.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ أبو هُريرةَ رَضِي اللهُ عنه: "كنَّا"، أي: كان بَعضٌ مِن الصَّحابةِ رَضِي اللهُ عنهم، "عندَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حينَ أُنزِلَت سُورةُ الجُمُعةِ، فتَلاها"، أي: قرَأها، "فلمَّا بلَغ"، أي: الآيةَ الَّتي فيها قولُه تعالى: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة: 3]، أي: إنَّه تعالى بعَثَه في الأُمِّيِّين الَّذين على عَهدِه، وفي آخَرين مِن الأُمِّيِّين لم يَلحَقوا بهم بعدُ، وسيَلْحَقون بهم، وهم مَن يَأتي بعدَ الصَّحابةِ رَضِي اللهُ عنهم، فقال رجلٌ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "يا رسولَ اللهِ، مَن هؤلاءِ الَّذين لم يَلْحَقوا بنا؟"، قال أبو هُريرةَ رَضِي اللهُ عنه: "فلم يُكلِّمْه"، أي: لم يُجِبِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم الرَّجلَ، "وسَلْمانُ الفارسيُّ فينا"، أي: جالِسٌ معَنا، "فوضَع رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يدَه على سَلمانَ الفارسيِّ، فقال: والَّذي نفسي بيدهِ"، أي: مُقسِمًا باللهِ عزَّ وجلَّ؛ وذلك لأنَّ اللهَ هو الَّذي يَملِكُ الأنفُسَ، وكَثيرًا ما كان يُقْسِمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بهذا القسَمِ، "لو كان الإيمانُ بالثُّريَّا"، والثُّريَّا: اسمٌ لمجموعةٍ مِن النُّجومِ كانوا يَعرِفونها، "لَتَناوَله رجالٌ مِن هؤلاءِ"، أي: لسَعَوا إليه وحَصَّلوه، والمرادُ بهؤلاء: الفُرسُ.
وفي الحديثِ: فضلٌ ومنقَبةٌ لِسَلمانَ الفارسيِّ رَضِي اللهُ عنه، والثَّناءُ على عُلوِّ هِمَّةِ المُؤمنِينَ من الفُرسِ.