باب الزهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم4
سنن الترمذى
حدثنا عمرو بن مالك، ومحمود بن خداش البغدادي، قالا: حدثنا مروان بن معاوية قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي شميلة الأنصاري، عن سلمة بن عبيد الله بن محصن الخطمي، عن أبيه، وكانت له صحبة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا»: " هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث مروان بن معاوية. وحيزت: جمعت " حدثنا بذلك محمد بن إسماعيل قال: حدثنا الحميدي قال: حدثنا مروان بن معاوية، نحوه وفي الباب عن أبي الدرداء
نِعَمُ اللهِ سبحانه وتعالى على عِبادِه كثيرةٌ لا تُحصَى، والرِّزقُ مُتعدِّدٌ متنوِّعٌ؛ فليس الرِّزقُ مَحصورًا في المالِ فقط، وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مُعلِّمًا أصحابَه وأُمَّتَه مِن بَعدِهم: "مَن أصبَح مِنكم"، أي: أيُّ عبدٍ كان: "آمِنًا في سِرْبِه"، أي: توفَّر له الأمانُ على نفْسِه أو على أهلِه وجَماعتِه، وقيل: السِّربُ هو السَّبيلُ أو الطَّريقُ، وقيل: البيتُ، "مُعافًى في جسَدِه"، أي: تَحصَّلَت له العافيةُ في الجسَدِ فسَلِم مِن المرَضِ والبلاءِ وكان صَحيحًا، "عندَه قوتُ يومِه"، أي: وتوفَّر له رِزقُ يومِه وما يَحتاجُه مِن مَؤونةٍ وطعامٍ وشرابٍ يَكْفي يومَه، "فكأنَّما حِيزَتْ له الدُّنيا"، أي: فكَأنَّما مَلَك الدُّنيا وجمَعها كلَّها؛ فمَن توَفَّر له الأمانُ والعافيةُ والرِّزقُ لا يَحتاجُ إلى شيءٍ بعدَ ذلك، فكان كمَن ملَك الدُّنيا، وجمَعها، فلا يَحتاجُ إلى شيءٍ آخَرَ، وعلى العبدِ أنْ يحَمْدَ اللهَ تعالى ويشُكرَه على هذه النِّعمِ.
وفي الحديثِ: بيانُ ضَرورةِ حاجةِ الإنسانِ إلى الأمانِ والعافيةِ والقوتِ.