باب في الصلاة تقام ولم يأت الإمام ينتظرونه قعودا
حدثنا أحمد بن علي بن سويد بن منجوف السدوسي، حدثنا عون بن كهمس، عن أبيه كهمس، قال: قمنا إلى الصلاة بمنى والإمام لم يخرج فقعد بعضنا، فقال لي شيخ من أهل الكوفة: ما يقعدك؟ قلت: ابن بريدة، قال: هذا السمود: فقال لي الشيخ: حدثني عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب، قال: «كنا نقوم في الصفوف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلا قبل أن يكبر»، قال: وقال: «إن الله وملائكته يصلون على الذين يلون الصفوف الأول، وما من خطوة أحب إلى الله من خطوة يمشيها يصل بها صفا»
( ما يقعدك ) : من الإقعاد وما الموصولة أي أي شيء يجلسك , والمعنى لم تنتظرون الإمام جالسين ولا تنتظرونه قائمين
قال كهمس ( قلت ) : مجيبا له ( هذا ) : أي قال ابن بريدة انتظار الناس للإمام قياما ( السمود ) : كأن ابن بريدة كره هذا الفعل كما كرهه علي رضي الله عنه وهو موضع الترجمة
قال ابن الأثير في النهاية في حديث علي أنه خرج والناس ينتظرونه للصلاة قياما , فقال ما لي أراكم سامدين , السامد المنتصب إذا كان رافعا رأسه ناصبا صدره أنكر عليهم قيامهم قبل أن يروا إمامهم , وقيل السامد القائم في تحير
انتهى
قال الخطابي : السمود يفسر على وجهين أحدهما أن يكون بمعنى الغفلة والذهاب عن الشيء , يقال رجل سامد هامد أي لاه غافل , ومن هذا قول الله تعالى : { وأنتم سامدون } أي لاهون ساهون , وقد يكون السامد أيضا الرافع رأسه قال أبو عبيدة ويقال منه سمد يسمد ويسمد سمودا , وروي عن علي أنه خرج والناس ينتظرونه قياما للصلاة , فقال ما لي أراكم سامدين
وحكي عن إبراهيم النخعي أنه قال : كانوا يكرهون أن ينتظروا الإمام قياما ولكن قعودا وتقولون ذلك السمود ( فقال لي الشيخ ) : مقصود الشيخ رد قول ابن بريدة ( كنا نقوم في الصفوف ) : لا يدل على أن قيامهم كان انتظار النبي صلى الله عليه وسلم , بل يجوز أن يكون بعد حضوره صلى الله عليه وسلم , ولو سلم فإسناد الحديث لا يخلو عن جهالة إذ الشيخ غير معلوم فلا يعارض حديث فلا تقوموا حتى تروني والله أعلم
قاله في فتح الودود ( قال ) : أي البراء ( وقال ) : النبي صلى الله عليه وسلم ( على الذين يلون ) : أي يقومون
قال ابن الملك : أو يباشرون ويتولون ( الصفوف الأول ) : بضم الهمزة وفتح الواو المخففة جمع أول أي فالأفضل الأول فالأول ( وما من خطوة ) قال العيني : رويناه بفتح الخاء , وهي المرة الواحدة
وقال القرطبي : الرواية بضم الخاء وهي واحدة الخطى , وهي ما بين القدمين , والتي بالفتح مصدر
انتهى
ومن زائدة وخطوة اسم ما وقوله ( أحب إلى الله ) : بالنصب خبره والأصح رفعه فهو اسمه , ومن خطوة خبره
قاله علي القاري ( من خطوة ) : متعلق بأحب ( يمشيها ) : بالغيبة صفة خطوة أي يمشيها الرجل وكذا ( يصل بها صفا ) : وقيل بالخطاب فيهما والضميران للخطوة