باب في المدينة حين يتركها أهلها
بطاقات دعوية
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العواف يريد عوافي السباع والطير وآخر من يحشر راعيان من مزينة يريدان المدينة، ينعقان بغنمهما فيجدانها وحشا، حتى إذا بلغ ثنية الوداع خرا على وجوههما
المدينة النبوية بقعة من الأرض مباركة، طهرها الله من الأدناس، وحفظها من المهلكات
وفي هذا الحديث يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض ما فضل الله به المدينة على غيرها؛ وهو أنها قد أحيطت أنقابها -وهي طرقها وفجاجها ومداخلها- بالملائكة؛ فلا يستطيع الطاعون ولا الدجال دخولها؛ إذ تحرسها الملائكة منه وتمنعه من دخولها، وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن الدجال ينزل في السبخة التي تجتمع بها السيول في الشمال الغربي من المدينة، فإذا وصل إلى هناك وقع زلزال بالمدينة، وخرج إليه المنافقون منها، أما المدينة نفسها فلا يستطيع دخولها
وخروج المسيح الدجال من أشراط الساعة الكبرى وعلاماتها، والدجال من التدجيل بمعنى التغطية؛ لأنه كذاب يغطي الحق ويستره، ويظهر الباطل. وقد أقدره الله عز وجل على أشياء من مقدورات الله تعالى: من إحياء الميت الذي يقتله، ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه، وجنته وناره، ونهريه، واتباع كنوز الأرض له، وأمره السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت؛ فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته فتنة وابتلاء. وفي الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه: «ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال، إلا مكة والمدينة»؛ فامتازت هاتان المدينتان العظيمتان بهذا
والطاعون: نوع من الوباء المهلك، وهو عبارة عن خراجات وقروح وأورام رديئة تظهر بالجسم، وفي مسند أحمد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: «فناء أمتي بالطعن والطاعون. قال: فقلنا: يا رسول الله، هذا الطعن قد عرفناه؛ فما الطاعون؟ قال: طعن أعدائكم من الجن، في كل شهادة»
وقد تحقق كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطاعون؛ فقد ظهر في أكثر من مكان عبر التاريخ، ولم يظهر بالمدينة، تصديقا لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم
وفي الحديث: علم من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم
وفيه: بيان فضل المدينة، وفضل سكناها