باب في المشيئة والإرادة {وما تشاءون إلا أن يشاء الله} 1
بطاقات دعوية
عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"إذا دعوتم الله فاعزموا في الدعاء، ولا يقولن أحدكم: [اللهم 8/ 153] إن شئت فأعطني، فإن الله لا مستكره له (31) ".
الدُّعاءُ مِن أجَلِّ العِباداتِ الَّتي يَتَقرَّبُ بها العبدُ إلى ربِّه عزَّ وجلَّ؛ ولذلك كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعلِّمُ أصحابَه كَيفيَّةَ الدُّعاءِ.
وفي هذا الحَديثِ يأمُرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المُسلِمين أنَّه إذا دَعا أحَدٌ ربَّه فَلْيَعْزِم المَسألةَ، بأن يَقطَعَ بِالسُّؤالِ ويطلُبَ مِنَ اللهِ صراحةً، «وَلا يَقُولَنَّ: اللَّهُمَّ إنْ شِئتَ فَأَعْطِني»، أي: فَلا يَشُكَّ في القَبولِ، بَل يَستَيقِن وُقوعَ مَطلوبِهِ، وَلا يُعَلِّقْ ذلك بِمَشيئةِ اللَّهِ؛ «فإنَّه لا مُستَكْرِه له»، والمُرادُ: أنَّ الَّذي يَحتاجُ إلى التَّعليقِ بِالمَشيئةِ ما إذا كانَ المَطلوبُ مِنه يُتصوَّرُ في حَقِّه أنَّه يُكْرَهُ على الشَّيْءِ، فَيُخَفَّفُ الأمرُ عليه، وَيَعلَمُ أنَّه لا يَطلُبُ مِنه ذلك الشَّيءَ إلَّا برِضاهُ، وأمَّا اللهُ سُبحانَه فهو مُنَزَّهٌ عَن ذلك؛ فليس لِلتَّعليقِ فائِدةٌ، فَيَنبَغي الاجتِهادُ في الدُّعاءِ، وأنْ يَكونَ الدَّاعي على رَجاءِ الإجابةِ، ولا يَقنَط مِن رَحمةِ اللهِ تعالَى؛ فَإنَّهُ يَدْعو كَريمًا، ولا يَستَثْنِ، بَلْ يَدعو دُعاءَ البائِسِ الفَقيرِ.