باب في تعجيل الفطر 2
بطاقات دعوية
عن أبي عطية قال دخلت أنا ومسروق على عائشة فقال لها مسروق رجلان من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كلاهما لا يألو عن الخير أحدهما يعجل المغرب والإفطار والآخر يؤخر المغرب والإفطار فقالت من يعجل المغرب والإفطار قال عبد الله فقالت هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع. (م 3/ 131 - 132
الخَيرُ كُلُّ الخَيرِ في اتِّباعِ هَدْيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والشَّرُّ كلُّ الشرِّ يَأْتي مِنَ الِابْتداعِ في الدِّينِ، ولَمَّا كان الصِّيامُ مِن أجَلِّ العِباداتِ وأعظَمِ القُرُباتِ، كان لِزامًا على المُسلِم ِأنْ يَلتزِمَ هَدْيَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيه.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ أبو عَطِيَّةَ الوادِعيُّ أنَّه دخَلَ هو ومَسرُوقُ بنُ الأجدَعِ بنِ مالكٍ على أُمِّ المؤمِنينَ عَائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها، وكان لا يدخُلُ أحدٌ عليها إلَّا بعدَ اسْتِئذانٍ، فسأَلَها مَسرُوقٌ عن رَجُلَينِ مِن أصْحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ «كِلاهُما لا يَألُو عنِ الخيرِ» كما في رِوايةٍ أُخْرى لمسلِمٍ، والمَعنى: لا يُقصِّر أيُّ أحدٍ منهما عن طلَبِ الخيرِ واتِّباعِ الهُدَى. وكانَ الأوَّلُ إذا كان صائمًا يُعجِّلُ صَلاتَه للمغرِبِ، ويُعجِّلُ بإفْطارِه، فيُفطِرُ عندَ تحقُّقِ الغُروبِ، والآخَرُ إذا كان صائمًا يُؤخِّرُ المغربَ والإِفطارَ، والمرادُ بالتَّأخيرِ عدمُ المبالَغةِ في التَّعْجيلِ، فسأَلَتْ: مَن يُعجِّلُ الإفْطارَ وصلاةَ المغربِ؟ وسأَلَتْ عنه دُونَ الثَّاني؛ لأنَّه أتَى بما يُثْنى عليه به، فأَحَبَّتْ مَعرِفَتَه؛ لِتُثْنِيَ عليه بذلك، فأخْبَراها أنَّه عبدُ اللهِ بنُ مَسعُودٍ، فقالتْ: «هكذا كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصنَعُ»، أي: كان يُعجِّلُ المغربَ والإفْطارَ كفِعلِ عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه.
وقد ذُكِرَ أنَّ الآخَرَ الَّذي يؤخِّرُ الإفْطارَ ويؤخِّرُ الصَّلاةَ هو أبو موسى الأشْعَريُّ رَضيَ اللهُ عنه، فيُحمَلُ عَملُ ابنِ مَسعودٍ على السُّنَّةِ، وعَملُ أبي موسى على بيانِ الجَوازِ.