باب في جعل دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - على المؤمنين زكاة ورحمة 3

بطاقات دعوية

باب في جعل دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - على المؤمنين زكاة ورحمة 3

عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتواريت خلف باب قال فجاء فحطأني حطأة (6) وقال اذهب، ادع (7) لي معاوية قال فجئت فقلت هو يأكل قال ثم قال لي اذهب فادع لي معاوية قال فجئت فقلت هو يأكل فقال لا أشبع الله بطنه قال ابن المثنى قلت لأمية ما حطأني قال قفدني قفدة. (م 8/ 27)
__________

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعترِيه ما يَعْتري البَشَرَ مِن الغَضَبِ ونحوِه، إلَّا أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحسَنُ النَّاسِ خُلقًا، وكان بأُمَّتِه رَؤوفًا رَحيمًا
وفي هذا الحديثِ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه كانَ يَلعَبُ مَع الصِّبيانِ، فَجاءَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فلمَّا رَآه ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما اختبَأَ واستَتَرَ خَلفَ بابٍ، وكأنَّه استَحْيا مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهابَهُ، فجاءَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى مَكانِ اختبائهِ، «فَحطَأَه حَطأَةً»، أي: ضَربَه بيدِه وهيَ مَبسوطَةٌ ضربةً بينَ كَتِفَيه، وكانَ ذلكَ مِنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلى سَبيلِ المُلاطفَةِ والتَّأنيسِ، وكالإِخبارِ بأنَّه اطَّلعَ عَلى مَكانِ اختِفائِه، ثمَّ طَلَب منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَدعُوَ له مُعاويَةَ بنَ أبي سُفيانَ رَضيَ اللهُ عنهما، وكان مِن كُتَّابِ الوحيِ، فذَهبَ ابنُ عبَّاسٍ إلى مُعاويةَ رَضيَ اللهُ عنهما لِيَستدْعِيَه فوَجدَه يَأكلُ، فَرجَعَ وأَخبرَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بذلك، ثمَّ أمَرَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَذهَب ويَدْعوَه إليه مرَّةً أُخرى، فذَهَب ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما ليَدْعُوَه، فوَجدَه ما زالَ يَأكلُ، فرَجَعَ وأَخبَرَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بذَلكَ، فدَعا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلى معاويةَ، وَقال: «لا أَشبَعَ اللهُ بَطنَه» وهذا مِن القَولِ الَّذي يَجْري على اللِّسانِ مِن غَيرِ قَصدٍ إِلى وُقوعِه، وَلا رَغبةً إلى اللهِ تَعالَى في استِجابتِه، وقد قالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حَديثٍ في صَحيحِ مُسلمٍ: «إِنَّما أَنا بَشرٌ، وإِنِّي اشتَرطْتُ عَلى رَبِّي عزَّ وجلَّ، أيَّ عبدٍ منَ المسلمينَ سَببتُه أو شَتمْتُه، أنْ يَكونَ ذَلك لَه زَكاةً وأَجرًا»، وقيل: إنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قاله عُقوبةً لِمُعاويةَ لتَأخُّرِه؛ لأنَّ إجابةَ دَعوتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ واجبةٌ على الفَورِ