باب في جعل دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - على المؤمنين زكاة ورحمة 1

بطاقات دعوية

باب في جعل دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - على المؤمنين زكاة ورحمة 1

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلان فكلماه بشيء لا أدري ما هو فأغضباه فلعنهما وسبهما فلما خرجا قلت يا رسول الله لمن أصاب من الخير شيئا ما أصابه هذان (2) قال وما ذاك قالت قلت لعنتهما وسببتهما فقال (3) أو ما علمت ما شارطت عليه ربي قلت اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرا. (م 8/ 24)

ربما كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يعتريه ما يعتري البَشَرَ مِن الغَضَبِ ونحوِه، إلَّا أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحسنُ النَّاسِ خُلقًا، وكان بأُمَّتِه رَؤوفًا رَحيمًا، ومِن مَظاهرِ حُسنِ خُلُقِه ورَحمتِه ما رواه أبو هُرَيرةَ رضِيَ اللهُ عنه في هذا الحديثِ، أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دعا بقولِه: «اللَّهُمَّ فأيُّما مُؤْمِنٍ سَبَبْتُهُ» أي: بسَببِ فِعلٍ أو قَولٍ أغْضَبَني، كما جاء ذلك مُفَصَّلًا في روايةِ مُسلمٍ مِن حَديثِ عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: «دَخَل عَلَى رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَجُلانِ، فكلَّماه بشَيْءٍ لا أَدرِي ما هو، فأَغْضَبَاهُ، فلَعَنَهما وسبَّهما»، وغَضَبُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُقَيَّدٌ بانتهاكِ محارمِ اللهِ عزَّ وجَلَّ؛ ففي الصَّحيحينِ مِن حديثِ عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: «ما انتقم رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لنَفْسِه في شَيءٍ قطُّ، إلَّا أن تُنتَهَكَ حُرمةُ اللهِ، فيَنتَقِمُ بها للهِ»
فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في تمامِ دُعائِه: «فاجْعَلْ ذلكَ له قُرْبَةً إلَيْكَ يَومَ القِيامَةِ»، أي: أنْ يُحوِّلَ اللهُ دُعاءَه على البَعضِ في حالِ الغَضبِ إلى رَحمةٍ وأجْرٍ لهمْ يومَ القِيامةِ