باب في دعاء الضيف2
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن إسماعيل قال: حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حفص بن عمر الشني قال: حدثني أبي عمر بن مرة، قال: سمعت بلال بن يسار بن زيد، حدثني أبي، عن جدي، سمع النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، غفر له وإن كان فر من الزحف»: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه
وَمِنْ أَوْضَحِ مَا وَقَعَ فِي فَضْلِ الِاسْتِغْفَارِ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ يَسَارٍ وَغَيْرِهِ مَرْفُوعًا: "مَنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ. غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ". قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبِهَانِيُّ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْكَبَائِرِ تُغْفَرُ بِبَعْضِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَضَابِطُهُ الذُّنُوبُ الَّتِي لَا تُوجِبُ عَلَى مُرْتَكِبِهَا حُكْمًا فِي نَفْسٍ وَلَا مَالٍ، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ مَثَّلَ بِالْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ مِثْلَهُ أَوْ دُونَهُ يُغْفَرُ إِذَا كَانَ مِثْلَ الْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ، فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ عَلَى مُرْتَكِبِهِ حُكْمًا فِي نَفْسٍ وَلَا مَالٍ. انتهى.
ومن العلماء من حمل الحديث على أن هذا الذكر يكفر الصغائر وإن كان صاحبها مرتكبًا لكبيرة الفرار من الزحف، والمعنى أن ارتكابه لتلك الكبيرة لا يمنع تكفير الصغائر بهذا الذكر، وإن كان هو لا أثر له في تكفير تلك الكبيرة؛ قال في دليل الفالحين: أي: غفرت صغائر ذنوبه المتعلقة بحق ربه، وإن كان قد اقترف ما هو من الكبائر، فلا يمنع ذلك من غفر الصغائر بالذكر المذكور. انتهى.