‌‌باب في سدل العمامة بين الكتفين

سنن الترمذى

‌‌باب في سدل العمامة بين الكتفين

حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني قال: حدثنا يحيى بن محمد المدني، عن عبد العزيز بن محمد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتم سدل عمامته بين كتفيه» قال نافع: وكان ابن عمر يسدل عمامته بين كتفيه، قال عبيد الله: ورأيت القاسم، وسالما يفعلان ذلك: هذا حديث حسن غريب. وفي الباب عن علي. ولا يصح حديث علي في هذا من قبل إسناده
‌‌

الاقتداءُ بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في هَيئةِ مَلبَسِه مِن كمالِ الاقتداءِ الَّذي كان يفعَلُه الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عَنهم.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِي اللهُ عَنهما: كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم إذا "اعتَمَّ"، أي: لَبِسَ العِمامةَ ولَفَّها على رأسِه "سَدَلَ عِمامتَه بين كتِفَيْهِ"، أي: أرسَلَ طرَفَيْها بين كَتِفَيْهِ؛ قيل: ولعلَّ الحِكمةَ مِنْ ذلك أنَّ العَذَبةَ فَرْقٌ بين عِمامةِ المُسلِمِ وعِمامةِ الشَّيطانِ التي لا عَذَبةَ لها، وليس منها شيءٌ تحت الحَنَكِ وتُسمَّى بالعِمامةِ المُقطَّعةِ، والعِمامةُ بغيرِ العَذَبةِ فيها تَشبُّهٌ بزِيِّ الأعاجمِ مِنْ غيرِ المسلمين، كما قال بعضُ العُلماءِ، وفي العَذَبةِ جَمالٌ؛ ففي المُعْجمِ الأوسطِ للطَّبرانيِّ: عن ابنِ عُمرَ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "عَمَّمَ عبدَ الرَّحمنِ بنَ عَوفٍ فأَرْسَلَ مِنْ خَلْفِه أَرْبَعَ أصابِعَ أو نَحوَها، ثم قال: هكذا فاعْتَمَّ؛ فإنَّهُ أعَرْبُ وأَحْسنُ"، أي: هذا أَجْملُ وأَحْسنُ وأفضلُ مِنْ عدمِ إرسالِ الطَّرفِ.
قال نافعٌ- وهو مولَى ابنِ عُمرَ وراوي الحديثِ عنه-: "وكانَ ابنُ عُمرَ يَسدُلُ عِمامتَه بينَ كتفَيهِ"، وفي هذا إشارةٌ إلى اتِّباعِ ابنِ عُمرَ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ووقد اشتَهَرَ بتحرِّي اتِّباعِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في كلِّ أفعالِه وهَيئاتِه، قال عُبَيدُ اللهِ: "ورأيتُ القاسمَ، وسالِمًا يَفعلانِ ذلك"، إشارة إلى اتِّباع التابعين كذلك لهَدْي ابنِ عُمرَ المأخوذِ عن النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ.