باب: في قوله تعالى: {إن الحسنات يذهبن السيئات}
بطاقات دعوية
عن عبد الله بن مسعود قال جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله إني عالجت امرأة في أقصى المدينة وإني أصبت منها ما دون أن أمسها (2) فأنا هذا فاقض في بما شئت فقال له عمر لقد سترك الله لو سترت نفسك قال فلم يرد النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا فقام الرجل فانطلق فأتبعه النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا دعاه وتلا عليه هذه الآية {وأقم الصلاة طرفي النهار (3) وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين} فقال رجل من القوم يا نبي الله هذا له خاصة قال بل للناس كافة. (م 8/ 102)
مِنَ الوَسائِلِ التي تُساعِدُ الإنسانَ على التَّوبةِ: أنْ يَحرِصَ على مُضاعَفةِ الأعمالِ الصَّالِحةِ وتَكثيرِها؛ حتى تَغلِبَ على حَياتِه وقَلبِه، ومِن هذه الوَسائِلِ التي تُكفِّرُ السَّيِّئاتِ الصَّلاةُ
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عَبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَجُلًا قَبَّلَ امرأةً لا تَحِلُّ له، فأتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأخبَرَه بما جَرَى، فأنزَلَ اللهُ هذه الآيةَ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: 114]، أيْ: أقمِ الصَّلاةَ المفروضةَ في أوَّلِ النَّهارِ وآخرِه، وهي: صلاةُ الفجرِ والظُّهرِ والعصرِ، {وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ}، أيْ: وأقِمِ الصَّلاةَ أيضًا في ساعاتٍ مِن الليلِ، وهي صلاةُ المغربِ والعشاءِ، {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}: إنَّ الأعمالَ الصَّالحةَ مِن الصَّلاةِ وغَيرِها تُكفِّرُ صَغائرَ الذُّنوبِ، فسَأَلَ الرَّجُلُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: يا رَسولَ اللهِ، هل الحُكمُ خاصٌّ بي وَحدي؟ فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لِجَميعِ أُمَّتي كُلِّهم. وفي هذا تَأكيدٌ مِنَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعدَ تَأكيدٍ؛ لِيَشمَلَ هذا المَوجودينَ والمَعدومينَ، يَعني: هذا لهم، وأنتَ منهم.وهذا التَّكفيرُ للذُّنوبِ خاصٌّ بالصَّغائِرِ، أمَّا الكَبائِرُ فإنَّها تَحتاجُ إلى تَوبةٍ تامَّةٍ، بشُروطِها
وفي الحَديثِ: بَيانُ مَدى رَحمةِ اللهِ بعِبادِه، وأنَّه يَقبَلُ التائِبينَ