باب: في قوله تعالى: {خذوا زينتكم عند كل مسجد}
بطاقات دعوية
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة فتقول من يعيرني تطوافا (1) تجعله على فرجها وتقول:
اليوم يبدو بعضه أو كله ... فما بدا منه فلا أحله
فنزلت هذه الآية {خذوا زينتكم عند كل مسجد}. (م 8/ 243 - 244)
الجاهِليَّةُ هي الفترةُ الَّتي كان النَّاسُ فيها على الشِّركِ قبْلَ مَجيءِ الإسْلامِ، وسُمِّيَت بها لكَثْرةِ جَهالاتِهم وضَلالاتِهم، وقدْ جاء الإسلامُ باجتِثاثِ عاداتِ الجاهليَّةِ المنكَرةِ والمخالَفةِ لشَرعِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ومِن تلك العاداتِ المنكَرةِ: أنَّهم كانوا يَطوفونَ عُراةً ويَرمُونَ ثِيابَهم ويَترُكونَها مُلقاةً عَلى الأَرضِ، ولا يَأخُذونَها أبدًا ويَترُكونَها تُداسُ بالأَرجُلِ
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عَبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ المرأةَ زمَنَ الجاهليَّةِ كانت تَطوفُ بالكعبةِ وهي عُريانَةٌ، ليْس عليها ثِيابٌ، فتَقولُ: «مَن يُعيرُني» أي: مَن يُعطِيني «تِطوافًا»، وَهُو ثَوبٌ تَلبَسُه المرأَةُ لتَطوفُ بِه، وكانت النِّساءُ مِن غَيرِ قُرَيشٍ يَفعَلْنَ ذلك ويَطلُبْنَ مِن نِساءِ قُرَيشٍ إعطاءَهُنَّ ثِيابًا للطَّوافِ فيها، كما في الصَّحيحينِ، عن عُروةَ بنِ الزُّبيرِ قال: «كان النَّاسُ يَطوفون في الجاهليَّةِ عُراةً إلَّا الحُمْسَ، والحُمْسُ قُرَيشٌ وما وَلَدَت، وكانت الحُمْسُ يَحتسِبون على النَّاسِ، يُعطِي الرَّجلُ الرَّجلَ الثِّيابَ يَطوفُ فيها» سُمُّوا بالحُمْسِ؛ لِتَحَمُّسِهم وتَشَدُّدِهم في دِينِهم، فمَن لم تُعطِه الحُمْسُ ثِيابًا طافَ بالبَيتِ عُريانًا
وتَقولُ المرأةُ العاريةُ حالَ طَوافِها
«اليَومَ يَبدو بَعضُه أَو كُلُّه ... فَما بَدا مِنه فَلا أُحلُّه»
والمعنى: إِنَّني لا أُبدي عَورَتي بقَصْدِ الفَحشاءِ، وإِنَّما أُبديه لِحاجةٍ، وَهِيَ ألَّا أَطوفَ بثِيابٍ أَذنبتُ فيها فَلا أُبيحُ لأَحدٍ أنْ يَنظُرَ إليه قَصْدًا، أو يَتمَتَّعَ بِه
فأَنزلَ اللهُ قولَه تَعالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31]، وَالمرادُ بِذلكَ: أن يَستُروا عَوراتِهم عِند المساجِدِ، فدَخلَ في ذَلكَ الطَّوافُ والصَّلاةُ والِاعتِكافُ، وغَيرُ ذلكَ
وفي الحديثِ: سَببُ نُزولِ {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31]
وفيه: سَترُ العَورةِ في الطَّوافِ