باب في كراهية إنشاد الضالة في المسجد
حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي، حدثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا حيوة يعني ابن شريح، قال: سمعت أبا الأسود يعني محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، يقول: أخبرني أبو عبد الله، مولى شداد، أنه سمع أبا هريرة، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد، فليقل: لا أداها الله إليك فإن المساجد لم تبن لهذا "
( ينشد ضالة ) هو بفتح الياء وضم الشين أي يطلبها . قال في المصباح المنير : يقال للحيوان الضائع ضالة . وفي النيل : يقال نشدت الضالة بمعنى طلبتها ، وأنشدتها عرفتها ، والضالة تطلق على الذكر والأنثى والجمع ضوال كدابة ودواب ، وهي مختصة بالحيوان ، ويقال لغير الحيوان ضائع ولقيط ( فليقل ) أي السامع ( لا أداها الله إليك ) معناه ما رد الله الضالة إليك وما وجدتها قال في فتح الودود : يحتمل أنه دعاء عليه ، فكلمة لا لنفي الماضي ، ودخولها على الماضي بلا تكرار جائز في الدعاء ، وفي غير الدعاء الغالب هو التكرار كقوله تعالى فلا صدق ولا صلى ويحتمل أن لا ناهية أي لا تنشد ، وقوله لا أداها الله دعاء له لإظهار أن النهي عنه نصح له ؛ إذ الداعي بالخير لا ينهى إلا نصحا لكن اللائق حينئذ الفصل بأن يقال : لا ، وأداها الله إليك . بالواو لأن تركها يوهم ; إلا أن يقال الموضع موضع زجر ولا يضر به الإيهام لكونه إيهام شيء هو آكد في الزجر انتهى قال ابن رسلان : قوله " لا أداها الله إليك " فيه دليل على جواز الدعاء على الناشد في المسجد بعدم الوجدان معاقبة له في ماله معاملة له بنقيض قصده ، وفيه النهي عن رفع الصوت بنشد الضالة وما في معناه من البيع والشراء والإجازة والعقود ( لم تبن لهذا ) أي لطلب الضالة بل بنيت لذكر الله والصلاة والعلم والمذاكرة في الخير ونحوها . قال المنذري : والحديث أخرجه مسلم وابن ماجه