باب في نفقة المماليك وإثم من حبس عنهم قوتهم
بطاقات دعوية
عن خيثمة قال كنا جلوسا مع عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - إذ جاءه قهرمان له (2) فدخل فقال أعطيت الرقيق قوتهم قال لا قال فانطلق فأعطهم قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته. (م 3/ 78
اعتَنَتِ الشَّريعةُ بحُقوقِ جَميعِ النَّاسِ، حتَّى العبيدِ، وحتَّى الحَيَواناتِ والبَهائمِ، حيثُ أوجَبَتْ على مُلَّاكِها الإنْفاقَ عليهم، والقِيامَ بحُقوقِهم، فما أكمَلَ الشَّريعةَ، وأشْمَلَها، وأقْوَمَها، وأعْدَلَها، وأوْفَاها!
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ خَيْثمةُ بنُ عبدِ الرَّحمنِ -وهوَ أحدُ التَّابِعينَ- أنَّهم كانوا جُلوسًا معَ عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضيَ اللهُ عنهما، فجاءَه قَهرَمانٌ له، وهوَ القائمُ بأُمورِه الحافظُ لِمَا تَحتَ يَدِه، فسأَلَه عبْدُ اللهِ بنُ عَمرٍو رَضيَ اللهُ عنهما: هل أَعْطيتَ الرَّقيقَ المَمْلوكينَ قُوتَهم؟ والقُوتُ هو الطَّعامُ الَّذي يُقيمُ قوَّةَ الجَسدِ، فَقال: لا، لم أُعطِهم قوتَهم، فأمَرَه عبْدُ اللهِ بنُ عَمرٍو رَضيَ اللهُ عنهما أن يَنطلِقَ مُسرعًا ويُعطيَهمُ الطَّعامَ، ثُمَّ بيَّنَ لَه السَّببَ وهوَ قولُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «كفَى بالمَرءِ إثمًا»، أي: يَكْفي المرءَ مِن أسبابِ كَسبِ الإثْمِ والذَّنبِ، «أنْ يَحبِسَ عمَّن يَملِكُ قُوتَه»، يَعني مَن تَلزمُه نَفقتُه مِن أهْلِه وعِيالِه وعَبيدِه، والمرادُ أنَّه لو لم يكُنْ للشَّخصِ ذنبٌ غيرُ مَنعِه مملوكَه قوتَه، لَكَفاهُ ذلك إثمًا يوجِبُ له دخولَ النَّارِ.
وفي الحَديثِ: الأمرُ بالإنْفاقِ على مَن تلزَمُ رِعايتُه.