باب في وقت العشاء الآخرة
حدثنا مسدد، حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن بشير بن ثابت، عن حبيب بن سالم، عن النعمان بن بشير، قال: أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة «صلاة العشاء الآخرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر لثالثة»
صلاة العشاء صلاة فضلت بها أمة الإسلام، وهي من أثقل الصلوات على المنافقين، ومع مرور الوقت يغفل الناس عن بعض الهدي النبوي ولا بد لهم بمن يذكرهم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث على الصلاة في أول وقتها، إلا أن التأخير في صلاة العشاء هو الأفضل، وكان صلى الله عليه وسلم يحث على ذلك
وفي هذا الحديث يقول النعمان بن بشير رضي الله عنه: "أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة- صلاة العشاء الآخرة-"، والمراد بقوله "الآخرة" تمييزا لها عن صلاة المغرب التي كانوا يسمونها العشاء أيضا، وكونه أعلم الناس بها، أي: في وقت قوله هذا الحديث لموت أكابر الصحابة ومن يعلمون بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك؛ فإن النعمان بن بشير كان من أصغر الصحابة سنا، وقد عاش بعد موت أكابر الصحابة ورأى الناس يبعدون عن الوقت الذي كان يصلي فيه النبي صلى الله عليه وسلم العشاء. أو لأنه كان يحرص على تحري صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفة هديه فيها، فحصل له من العلم ما لم يحصل لغيره
قال النعمان رضي الله عنه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر لثالثة"، أي: كان يصلي صلاة العشاء في هذا الوقت، وهو في مثل الوقت الذي يغرب فيه القمر في الليلة الثالثة من الشهر، وعلى هذا فيقاس هذا الوقت في بقية الشهر لمن أراد هدي النبي صلى الله عليه وسلم فيها كما رواه النعمان بن بشير، وهذا يوضح أول وقت صلاة العشاء، وليس آخر الوقت، ولعل النبي عليه الصلاة والسلام كان يبكر بها بعض الوقت، ويؤخرها في البعض الآخر لحكمة ومصلحة يراها
وفي الحديث: بيان حرص الصحابة رضي الله عنهم على بيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم وتبليغه لمن بعدهم