باب في وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وكيف كان يصليها
حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن محمد بن عمرو وهو ابن الحسن بن علي بن أبي طالب قال: سألنا جابرا عن وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «كان يصلي الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس حية، والمغرب إذا غربت الشمس، والعشاء إذا كثر الناس عجل، وإذا قلوا أخر، والصبح بغلس»
أمرنا الله تعالى بإقامة الصلاة، وعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم كيف نقيمها، وأمرنا أن نحافظ على أركانها وسننها وآدابها ووقتها
وفي هذا الحديث يروي التابعي محمد بن عمرو بن الحسن بن علي: أن الحجاج بن يوسف الثقفي قدم واليا على المدينة في زمن خلافة عبد الملك بن مروان، عقب قتل ابن الزبير رضي الله عنه سنة ثلاث وسبعين هجرية، فسأل الناس جابر بن عبد الله عن تأخير الصلاة، وكيف يصلونها؟ ومتى؟ لأن الحجاج كان يؤخر الصلاة، فأخبرهم جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الظهر بالهاجرة، فيصلي عقب الزوال في شدة الحر، وسميت هاجرة من الهجر، وهو الترك؛ لأن الناس يتركون التصرف والسير في هذا الوقت؛ من شدة الحر، ويقيلون.وكان يصلي العصر والشمس نقية صافية خالصة، ويصلي المغرب إذا غابت الشمس وسقط قرصها، ويصلي العشاء أحيانا وأحيانا؛ فإذا رأى الصحابة مجتمعين عجل بصلاة العشاء، وإذا أبطؤوا أخر الصلاة، وصلاة الصبح كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها بغلس، فكان يعجل بصلاة الفجر في أول وقتها، والغلس: ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح.وفي تحديد جابر لهذه الأوقات جواب لسؤالهم بأن يلتزموا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يصلوا كل صلاة في أول وقتها، وقد أوضحت رواية أبي داود عن ابن مسعود أنه لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم: ماذا يفعل إذا أدرك تأخير الأمراء للصلوات؟ فقال له: «صل الصلاة لميقاتها، واجعل صلاتك معهم سبحة»، أي: نافلة، وهذا توجيه نبوي للمسلمين في مثل هذه الأزمان؛ أن يصلوا الصلاة في أول وقتها مع أنفسهم، أو في بيوتهم، ولا يظهروا ذلك، ثم يصلوا مع الأمراء في الوقت المتأخر الذي يصلون فيه الجماعة، أو يؤمرون بالصلاة فيه؛ حتى لا تشق عصا المسلمين بإظهار مخالفة الأمراء، وعدم الصلاة معهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بطاعتهم ما أقاموا الصلاة -كما في روايات أخرى-، ولكن ورد النهي عن أن يصلي المسلم صلاة واحدة مرتين في يوم واحد إذا لم يكن لها سبب، وهنا يوجد سبب وجيه لإعادتها، وهو طاعة الأمراء، وعدم شق الصف، وتعد الصلاة الأولى فرضا، وتعد الأخرى نافلة
وفي الحديث: صلاة الظهر في أول الوقت بعد الزوال
وفيه: مشروعية تأخير صلاة العشاء بحسب اجتماع المصلين
وفيه: فضل الصلاة في أول وقتها والتحذير من تأخيرها، ولزوم الصلاة مع أئمة المسلمين وإن كانوا ظالمين