باب فيما يقوله الرجل عند دخوله المسجد
حدثنا محمد بن عثمان الدمشقي، حدثنا عبد العزيز يعني الدراوردي، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد الملك بن سعيد بن سويد، قال: سمعت أبا حميد، أو أبا أسيد الأنصاري، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، فإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك "
المساجد هي بيوت الله سبحانه، ولها قداسة في قلوب المؤمنين، وهي موطن الصلوات والجماعات والذكر، وفيها يتفضل الله على عباده بالأجر والثواب العظيم
وهذا الحديث يتحدث عن أدبين من آداب المسجد، أرشد إليهما النبي صلى الله عليه وسلم؛ الأول: يتعلق بدخول المسجد، حيث يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد»، أي: أراد دخوله، عند وصول بابه، «فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك» التي وسعت كل شيء، وهذا تضرع إلى الله بأن يغمره برحمته الواسعة، وأن يهيئ له الأعمال الصالحة التي تكون سببا في الدخول من أبواب الرحمة المتعددة
والثاني: يتعلق بالخروج منه، فقال: «وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك» من رزقك الحلال، وهذا تضرع إلى الله وإقرار بأنه صاحب الفضل العظيم على عباده، وهو الرزاق، وأنه يعطي من فضله الواسع بلا حساب
وقد قيل: إن سر تخصيص الرحمة بالدخول، والفضل بالخروج: أن الرحمة في كتاب الله أريد بها النعم المتعلقة بالنفس والآخرة، كما قال تعالى: {ورحمت ربك خير مما يجمعون} [الزخرف: 32]، والفضل أريد به النعم الدنيوية، كما قال تعالى: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} [البقرة: 198]، وقال: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله} [الجمعة: 10]، ومن دخل المسجد فإنه يطلب القرب من الله، ويشتغل بما يقربه إلى ثوابه وجنته، فناسب ذلك ذكر الرحمة، ومن خرج منه فإنه يطلب الرزق، فناسب ذلك ذكر الفضل
وهذه الأدعية الواردة في مثل هذه المواطن يقصد بها الإرشاد ومراعاة المناسبات، والهدف منها ربط العبد بربه في حركاته وسكناته، وأنه على كل شيء قدير، واستحضار أن الله تعالى يحب من عباده سؤاله، كما في قوله تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} [غافر: 60]
وفي الحديث: الحث على الذكر عند دخول المسجد، وعند الخروج منه