باب فيمن أصبح جنبا فى شهر رمضان
حدثنا عبد الله بن مسلمة - يعنى القعنبى - عن مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الأنصارى عن أبى يونس مولى عائشة عن عائشة زوج النبى -صلى الله عليه وسلم- أن رجلا قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو واقف على الباب يا رسول الله إنى أصبح جنبا وأنا أريد الصيام.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « وأنا أصبح جنبا وأنا أريد الصيام فأغتسل وأصوم ». فقال الرجل يا رسول الله إنك لست مثلنا قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال « والله إنى لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتبع ».
للصيام أحكام ينبغي للمسلم أن يعلمها ويعمل بها، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم واجباته وسننه ومكروهاته بالقول والفعل
وفي هذا الحديث تروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه في مسألة تخص طهارة الصائم من الجنابة، وكانت عائشة رضي الله عنها وراء الباب تسمع، فأخبر الرجل النبي صلى الله عليه وسلم أن صلاة الفجر تدركه وهو جنب، فهل يصوم على حال الجنابة ثم يغتسل بعد؟ وتطلق الجنابة على كل من أنزل المني أو جامع، وسمي بذلك لاجتنابه الصلاة والعبادات حتى يتطهر منها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب، فأصوم» وقد أجابه صلى الله عليه وسلم بالفعل؛ لأنه أبلغ مما لو قال: اغتسل وصم، وهذا بيان لمشروعية صيام الجنب قبل الاغتسال؛ وذلك أن حدوث الجنابة قبل الفجر لا تمنع من عقد نية الصيام ولا تقطعه، فقال الرجل: «لست مثلنا يا رسول الله؛ قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر»، أي: إن هذا من خصائصك، وليس عليك حرج فيما تفعل، وفي رواية أبي داود: «فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم»، وإنما غضب صلى الله عليه وسلم لاعتقاد الرجل الخصوصية بلا علم، مع كونه أخبره بفعله صلى الله عليه وسلم جوابا لسؤاله، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والله، إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله»، أي: أكون أشدكم خشية من عقوبته، «وأعلمكم بما أتقي»، أي: أكون أكثركم علما بما أتقي به الله سبحانه، ورجاؤه صلى الله عليه وسلم محقق باتفاق، وهذا فيه إنكار على من نسب له التقصير في العبادة للاتكال على المغفرة