باب فيمن سقى رجلا سما أو أطعمه فمات أيقاد منه

باب فيمن سقى رجلا سما أو أطعمه فمات أيقاد منه

حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبل الهدية ولا يأكل الصدقة. وحدثنا وهب بن بقية فى موضع آخر عن خالد عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة ولم يذكر أبا هريرة قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبل الهدية ولا يأكل الصدقة. زاد فأهدت له يهودية بخيبر شاة مصلية سمتها فأكل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منها وأكل القوم فقال « ارفعوا أيديكم فإنها أخبرتنى أنها مسمومة ». فمات بشر بن البراء بن معرور الأنصارى فأرسل إلى اليهودية « ما حملك على الذى صنعت ». قالت إن كنت نبيا لم يضرك الذى صنعت وإن كنت ملكا أرحت الناس منك. فأمر بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقتلت ثم قال فى وجعه الذى مات فيه « ما زلت أجد من الأكلة التى أكلت بخيبر فهذا أوان قطعت أبهرى ».

أخبر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز أخبارا صريحة في أن اليهود قتلوا الأنبياء بغير حق، وحاولوا كذلك قتل عيسى عليه السلام، وقد تعرض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لمحاولات غدرهم في المدينة أكثر من مرة؛ منها أنه دعي إلى طعام، فقدمت له امرأة يهودية تدعى زينب بنت الحارث شاة وضعت فيها سما، فنجاه الله من مكرهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أكل منها
وفي هذا الحديث تخبر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في مرضه الذي مات فيه: «ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر»، أي: ما زلت أحس الألم في جوفي بسبب أكلي من تلك الشاة المسمومة التي أكلتها بخيبر، وخيبر قرية كانت يسكنها اليهود، وكانت ذات حصون ومزارع، وتبعد نحو 173 كم تقريبا من المدينة إلى جهة الشام، وقد غزاها النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون، وفتحها الله لهم في السنة السابعة من الهجرة، وقد اختلفت الآثار في قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم لزينب بنت الحارث اليهودية التي وضعت له صلى الله عليه وسلم السم، والحاصل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفض قتلها بداية، فلما مات الصحابي بشر بن البراء رضي الله عنه من ذلك -وكان قد أكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشاة- سلمها صلى الله عليه وسلم لأوليائه، فقتلوها قصاصا.
وقد نجى الله نبيه صلى الله عليه وسلم من الموت لما أكل من هذه الشاة في وقته، ثم ظهر عليه أثر السم عند اقتراب أجله صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: «فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم»، أي: هذا وقت شعرت فيه بقرب انقطاع أبهري -وهو العرق الذي يصل إلى القلب، فإذا انقطع لم يكن معه حياة- بسبب ذلك السم، وكان ذلك بعد مدة من أكله منها تقارب ثلاث سنين، فجمع الله تعالى له بين النبوة ومقام الشهادة؛ فمات نبيا شهيدا صلى الله عليه وسلم
والتوفيق بين هذا وبين قول الله تعالى: {والله يعصمك من الناس{ [المائدة: 67]: أنه معصوم من القتل على وجه القهر والغلبة، وأنه بعد هذه الأكلة مكث سنين يجاهد حتى فتح الله عليه الفتوحات، وآمن أهل الجزيرة، وبقي أثر السم حتى أكرمه الله بالشهادة بسببه
وقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه هذا وهو ابن ثلاث وستين سنة، وذلك في العام الحادي عشر من الهجرة في المدينة النبوية
وفي الحديث: خبث اليهود وشدة عداوتهم للمسلمين
وفيه: بشرية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه يعتريه ما يعتري البشر من الضعف، والمرض، والوفاة