باب فيمن سقى رجلا سما أو أطعمه فمات أيقاد منه

باب فيمن سقى رجلا سما أو أطعمه فمات أيقاد منه

حدثنا يحيى بن حبيب بن عربى حدثنا خالد بن الحارث حدثنا شعبة عن هشام بن زيد عن أنس بن مالك أن امرأة يهودية أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشاة مسمومة فأكل منها فجىء بها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألها عن ذلك فقالت أردت لأقتلك. فقال « ما كان الله ليسلطك على ذلك ». أو قال « على ». قال فقالوا ألا نقتلها قال « لا ». فما زلت أعرفها فى لهوات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

كان النبي صلى الله عليه وسلم يتودد إلى الناس؛ فيقبل هدية الفقير والغني على حد سواء، وقد استغل اليهود ذلك لما عرفوه من سماحته، فحاولوا قتله بالسم في الطعام كما يروي أنس بن مالك رضي الله عنه في هذا الحديث: "أن امرأة يهودية" قيل: هي زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم؛ وذلك بعد غزوة خيبر، "أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها" وقد أعدتها ووضعت السم في الموضع الذي يحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من لحم الشاة في الذراع، فأكل السم؛ فدفع الله عنه عاجل شرها، "فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك؟"، أي: عن سبب وضعها السم، "فقالت: أردت لأقتلك، قال: ما كان الله ليسلطك على ذلك أو قال علي"؛ لأن الله تكفل بحفظه. وفي رواية الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "أردنا إن كنت كاذبا نستريح، وإن كنت نبيا لم يضرك"، فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا نقتلها. قال: لا"، هكذا وقع هنا النهي عن قتلها، وقد ثبت أنها قتلت؛ قتلها النبي صلى الله عليه وسلم، أو دفعها إلى أولياء بشر بن البراء بن معرور، وكان أكل منها فمات بها فقتلوها. ووجه الجمع بين هذه الروايات: أنه لم يقتلها أولا حين اطلع على سمها وقيل له: أنقتلها، فقال: لا، فلما مات بشر بن البراء من ذلك سلمها لأوليائه فقتلوها قصاصا؛ فيصح أنه لم يقتلها -أي: في الحال-، ويصح أنه قتلها -أي: بعد ذلك.
قال أنس فما زلت أعرفها"، أي: أعرف أثر هذه الأكلة، وما كان فيها من السم "في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم" واللهوات: جمع لهاة، وهي اللحمة المتدلية من الحنك الأعلى، وقيل: المراد أن أثرها كان يظهر فما يبدو من فيه عند التبسم، وقيل: المراد أن السم قد بقيت علامته كسواد أو غيره في موضع تلك اللحمة
وفي الحديث: بيان غدر اليهود وسوء معاملتهم للأنبياء
وفيه: بيان عصمة الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم من الناس كلهم، وهي معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سلامته من السم المهلك لغيره