باب: قدر حصى الرمي
سنن النسائي
أخبرنا عبيد الله بن سعيد، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا عوف، قال: حدثنا زياد بن حصين، عن أبي العالية، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو واقف على راحلته: «هات، القط لي» فلقطت له حصيات هن حصى الخذف، فوضعتهن في يده، وجعل يقول بهن في يده ووصف يحيى تحريكهن في يده بأمثال هؤلاء
الحجُّ أحدُ أركانِ الإسلامِ الخَمسةِ، وقد بيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كيفيَّةَ أداءِ الحجِّ بقولِه وفِعلِه، وأمَر بأخْذ المَناسِك عنه؛ فعَلى المسلِمِ أن يَقتديَ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم
وفي هذا الحَديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنهما: "قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، في حَجَّةِ الوداعِ، "غَداةَ العقَبةِ"، أي: صباحَ رمْيِ جمرةِ العقَبةِ، وهو يومُ النَّحرِ أوَّلَ أيَّامِ الأضحى يومَ العاشِرِ من ذي الحَجَّةِ، "وهو"، أي: رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "على راحلتِه"، أي: راكبٌ على ناقتِه: "هاتِ"، أي: أعْطِ، "الْقُطْ لي"، صِيغةُ أمرٍ مِن لقَط، أي: أخَذ، "فلَقَطتُ له حَصَياتٍ"، أي: أخَذتُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حصَياتٍ، وهي الحِجارةُ الصَّغيرةُ، وعدَدُهنَّ سبعُ حصَياتٍ، "هُنَّ حَصى الخَذْفِ"، وهي أكبرُ مِن الحِمَّصِ، ودونَ البُندُقِ، وقيل: نحوُ حبِّ الباقِلَّاءِ، وهي الفُولةُ، قال: "فلمَّا وضَعتُهنَّ في يدِه"، أي: وضَعتُ السَّبْعَ الحَصَياتِ في يدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "قال"، أي: رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "بأمثالِ هؤلاءِ"، أي: ارْمُوا بأمثالِ هؤلاء الحصَياتِ في الحَجْمِ، "وإيَّاكم"، أي: أُحذِّركم، "والغُلوَّ في الدِّينِ"، أي: مُجاوزةَ الحدِّ في أمورِ الدِّينِ، والتَّشدُّدَ فيه بالإفراطِ، ولكن عليكم بالوسَطيَّةِ في كلِّ شيءٍ؛ "فإنَّما أهلَك مَن كان قبْلَكم" مِن الأُممِ السَّابقةِ، "الغُلوُّ في الدِّينِ"، أي: مُجاوزةُ الحدِّ، والتَّشدُّدُ في الدِّينِ بالإفراطِ؛ فهو سببُ الهلاكِ والبَوارِ
وفي الحديثِ: بَيانُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لبَعضِ مَناسِكِ الحجِّ
وفيه: التَّحذيرُ من الغُلوِّ، وبيانُ أنَّه من أسبابِ هلاكِ الأممِ السَّابقةِ