باب قول الله تعالى: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين
بطاقات دعوية
باب قول الله تعالى: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين * وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم * إذ يغشيكم (4) النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام * إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان * ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب}
1678 - عن ابن مسعود قال: شهدت من المقداد بن الأسود مشهدا؛ لأن أكون صاحبه أحب إلى مما عدل به: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -[يوم بدر 5/ 187] وهو يدعو على المشركين، فقال [يا سول الله! إنا] لا نقول [لك] كما قال قوم موسى [لموسى]: {اذهب أنت وربك فقاتلا [إنا هاهنا قاعدون]}، ولكنا نقاتل عن يمينك، وعن شمالك، وبين يديك، وخلفك. فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أشرق وجهه وسره؛ يعنى قوله.
(وفي رواية: ولكن امض ونحن معك. فكأنه سري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
مدَحَ اللهُ الصَّحابةَ الكرامَ رَضيَ اللهُ عنهم؛ لأنَّهم آزَروا ونَصَروا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكانوا أشِدَّاءَ على الكفَّارِ.
وفي هذا الحَديثِ بَيانٌ لمَوقِفٍ مِن شَجاعَتِهم، وصِدقِ إيمانِهم، وحُبِّهم للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فيُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ مَسْعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه شهِدَ مِن المِقْدادِ بنِ الأسْوَدِ رَضيَ اللهُ عنه مَشهَدًا ومَوقفًا، تَمنَّى أنْ لو كان هو صاحِبَ هذا المَشهَدِ وقائلَ تلك المَقالةِ الَّتي قالَها، وأنَّها مَقولةٌ أحَبُّ إليه ممَّا عُدِلَ به، أي: ممَّا وُزِنَ به مِن شَيءٍ يُقابِلُه مِن مُتَعِ الدُّنْيا، أوِ الثَّوابِ الَّذي عُدِلَ ذلك المَشهَدُ به؛ وسَببُ ذلك أنَّه استَشَفَّ مِن تلك الكَلِماتِ أنَّها بلَغَتْ مِن رِضا اللهِ عزَّ وجلَّ، ورِضا رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في تلك السَّاعةِ، وفي ذلك المَقامِ؛ مَبلَغًا لا يَعدِلُه ما يَنالُه عِلمُ البَشَرِ مِن الأمانيِّ؛ وذلك أنَّه قال قَولًا تَعلَّقَت به قُلوبُ المؤمِنينَ، فقدْ أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ بَدرٍ وهو يَدْعو على المُشرِكينَ، فقال المِقْدادُ رَضيَ اللهُ عنه لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا نَقولُ كما قال قَومُ نَبيِّ اللهِ موسى عليه السَّلامُ: اذْهَبْ أنْتَ ورَبُّكَ فَقَاتِلَا، كما سجَّل القُرآنُ عليهم: {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24]، قالوا ذلك اسْتِهانةً باللهِ ورَسولِه، وعَدمَ مُبالاةٍ بهما، وتَقْديرُه: امْضِ يا موسى أنتَ وربُّك لقِتالِهم، أمَّا نحنُ فماكِثونَ في هذا المكانِ، ولنْ نَبرحَه معكَ للمضيِّ إليهم.
قال المِقْدادُ رَضيَ اللهُ عنه: ولكنَّا نُقاتِلُ عَدوَّكَ عن يَمينِكَ، وعن شِمالِكَ، وبيْنَ يَديْكَ، وخَلفَكَ، أي: نُحيطُ بكَ، ونَحْميكَ مِن العَدوِّ مِن كلِّ الجِهاتِ، وهذا القَولُ يدُلُّ على صِدقِ المِقْدادِ، وصِدقِ الصَّحابةِ في إيمانِهم، وجِهادِهم في سَبيلِ اللهِ.
فذكَرَ عبدُ اللهِ بنُ مَسْعودٍ رَضيَ اللهُ عنه حالَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لمَّا سَمِع تلك الكَلِماتِ مِن المِقْدادِ، فقال: «فرَأيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أشرَقَ وَجْهُه»، أيِ: اسْتَنارَ، وسَرَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَولُ المِقْدادِ رَضيَ اللهُ تعالَى عنه.
وفي الحَديثِ: ما يدُلُّ على فَضلِ المِقْدادِ بنِ الأسْوَدِ رَضيَ اللهُ عنه.
وفيه: فَضلُ ابنِ مَسْعودِ رَضيَ اللهُ عنه مِن حيثُ مَعرِفتُه بالفَضلِ لأهلِه.