باب كتاب المغازي
بطاقات دعوية
عن ابن عباس قال: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} عن بدر، والخارجون إلى بدر
للمُجاهِدينَ في سَبيلِ اللهِ أجْرٌ عَظيمٌ، ومَنزِلةٌ عاليةٌ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ، ولا يَسْتَوي في هذا الفَضلِ المُجاهِدُ الَّذي خرَج وقاتَلَ، معَ مَن قَعَد وهو قادرٌ ولم يُجاهِدْ
وفي هذا الحَديثِ يَذكُرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما سَببَ نُزولِ قَولِ اللهِ تعالَى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 95]، أنَّها نزَلَت في القاعِدينَ عن غَزْوةِ بَدرٍ والخارِجينَ إليها، والمَعنى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} عنِ الجِهادِ في غَزْوة بَدرٍ الَّتي وقَعَتْ في السَّنةِ الثَّانيةِ منَ الهِجْرةِ- {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، والخَارِجونَ إلى بَدرٍ في الثَّوابِ والأجْرِ
وهذا الكَلامُ -وإنْ كان مُتعيِّنًا في أهلِ بَدرٍ- ففيه دَليلٌ على أنَّ كُلَّ ناهِضٍ إلى الجِهادِ لا يَسْتَوي والقاعِدُ عنه، وأمَّا أصْحابُ الأعْذارِ غيرُ القادِرينَ على الخُروجِ للجِهادِ، فلا حرَجَ عليهم، وقدِ اسْتَثنَاهمُ اللهُ تعالَى فقال: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}، وفي الصَّحيحَينِ مِن حَديثِ البَراءِ بنِ عازِبٍ رَضيَ اللهُ عنه، قال: لمَّا نزَلَت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، كلَّمَه ابنُ أمِّ مَكْتومٍ، فنزَلَت: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95]، فصارَ ذلك مَخرَجًا لذَوي الأعْذارِ المُبيحةِ لتَركِ الجِهادِ؛ مِنَ العَمى، والعَرَجِ، والمرَضِ عن مُساواتِهم المُجاهِدينَ في سَبيلِ اللهِ بأمْوالِهم وأنفُسِهم