باب قول الله تعالى {والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم}
بطاقات دعوية
عن عاصم قال: قلت لأنس [بن مالك 7/ 92] رضي الله عنه:
أبلغك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا حلف في الإسلام"؟ فقال: قد حالف النبي - صلى الله عليه وسلم - بين قريش والأنصار في داري [التي بالمدينة 8
الحِلْفُ: هو العَقْدُ والعَهْدُ، وكان النَّاسُ يَتَحالَفونَ في الجاهليَّةِ على نَصْرِ بَعضِهم بَعضًا في كُلِّ ما يَفعَلونَه، فهَدَمَ الإسلامُ ذلك، إلَّا ما كان عَهْدًا على الحقِّ والنُّصرَةِ على الأخْذِ على يَدِ الظَّالمِ الباغي، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الحديثِ الَّذي رَواهُ مُسلمٌ عن جُبَيرِ بنِ مُطعِمٍ رَضيَ اللهُ عنه: «لا حِلْفَ في الإسلامِ»، أي: لا تَعاهُدَ على ما كانوا يَتعاهَدونَ عليه في الجاهليَّةِ ممَّا يُخالِفُ قَواعدَ وشَرائعَ الإسلامِ.
وفي هذا الحديثِ سَأَلَ التَّابعيُّ عاصمُ بنُ سُليمانَ الأحوَلُ الصَّحابيَّ أَنَسَ بنَ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه عن هذا الحديثِ، فرَدَّ عليه أنسٌ بأنَّه قدْ حالَفَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْن قُريشٍ والأنصارِ في دَاري، يَقصِدُ بذلك المُؤاخاةَ التي أنْشَأَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْن المُهاجرينَ والأنصارِ للائتِلافِ على الإسلامِ، وهذه المُحالَفةُ لَيستِ المَنهيَّ عنها؛ لأنَّها لا تُخالِفُ أُصولَ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ، وإنَّما سَمَّاها أَنسٌ رَضيَ اللهُ عنه مُحالَفةً لأنَّ معناها مَعنى المُحالَفةِ، والمَنفيُّ مِن المُحالَفةِ ما كانوا يَعتبِرونه في الجاهليَّةِ مِن نَصْرِ الحَليفِ ولو كان ظالِمًا، ومِن أخْذِ الثَّأرِ مِن القَبيلةِ بسَببِ قتْلِ واحدٍ منْها، ومِن التَّوارُثِ، ونحْوِ ذلك، والمُثبَتُ ما عَدا ذلك؛ مِن نَصْرِ المَظلومِ، والقِيامِ بأمرِ الدِّينِ، ونحْوِ ذلك مِن المُستحبَّاتِ الشَّرعيَّةِ، كالمُصادَقةِ والمَودَّةِ وحِفظِ العهْدِ.
/ 154] (4)