باب قوله: {ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم}
بطاقات دعوية
عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: {إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى}؛ قال: عبد الرحمن بق عوف كان جريحا.
خفَّفَ اللهُ سُبحانَه وتعالَى على المجاهدينَ في سَبيلِه؛ فشَرَعَ لهم صَلاةَ الخوفِ؛ حتَّى لا يَغدِرَ بهم عدُوُّهم في أَثناءِ صَلاتِهم، ورخَّصَ لهم في وضْعِ السِّلاحِ بسَببِ المطرِ والمرضِ والإصابةِ بالجروحِ؛ حيث يَثقُلُ ويشُقُّ عليهم حمْلُها، وأمَرَهم بِأخْذِ الحذَرِ مع ذلك؛ خَشيةَ الغَفلةِ فيَهجُمَ عليهم.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ هذه الآيةَ: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} [النساء: 102]، قد نزلت في عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ رضِيَ اللهُ عنه؛ فقدْ كان جريحًا، فنَزَلَت تَخفيفًا عنه. وبوَجهٍ عامٍّ فإنَّ العِبرةَ بعُمومِ اللَّفظِ لا بخُصوصِ السَّبَبِ كما نَصَّ على ذلك الأصوليُّون، فتَشمَلُه وتَشمَلُ غَيرَه، والمعنى: لا حرَجَ عليكم ولا إثمَ -إنْ نالكم أذًى بسَبَبِ مطرٍ تُمطَرُونَه، أو أصابكم مَرَضٌ- في تَرْكِ حَملِ أسلِحَتِكم إن ضعُفْتُم عن حَملِها، ولكنْ إن وَضَعتُم أسْلِحتَكم من أذَى مَطَرٍ أو مَرَضٍ، فكونوا متيقِّظينَ، واحترِسوا مِن عدُوِّكم أنْ يَميلَ عليكم وأنتم عنه غافِلون.
وصلاةُ الخَوفِ هي الصَّلاةُ التي يدخُلُ وَقتُها والمُسلِمون يُقاتِلون العَدُوَّ، أو في حراسةِ المُسلِمين منهم، ولها صفاتٌ متعَدِّدةٌ وردت بها الأحاديثُ الصَّحيحةُ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقد صَلَّاها في أيَّامٍ مُختلفةٍ بأشكالٍ مُتباينةٍ، يَتحرَّى فيها ما هو الأحوطُ للصَّلاةِ، والأبلَغُ للحِراسةِ؛ فهي على اختِلافِ صُوَرِها مُتَّفِقةُ المعنى.