باب كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أشد حياء من العذراء في خدرها
بطاقات دعوية
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد حياء من العذراء في خدرها وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه. (م 7/ 87
الحياءُ انقِباضُ النَّفْسِ عنِ القَبائِحِ وتَرْكُها، وهو شُعْبةٌ مِن شُعَبِ الإيمانِ، ولا يَأْتي إلَّا بخَيرٍ، كذا أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أبو سَعيدٍ الخُدْريُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان أكثَرَ النَّاسِ حَياءً، فكان أشدَّ حَياءً مِن العَذْراءِ في خِدْرِها، والعَذراءُ البِكرُ، والخِدرُ: سِترٌ يُجعَلُ للبِكرِ في جَنبِ البَيتِ، وهذا مِن بابِ التَّفْهيمِ؛ فإنَّ العَذْراءَ إذا كانت مُترَبِّيةً في سِترِها تَكونُ أشدَّ حَياءً؛ لتَستُّرِها حتَّى عنِ النِّساءِ، بخِلافِها إذا كانت في غَيرِ بَيتِها؛ لاختِلاطِها معَ غَيرِها، أو كانت داخِلةً خارِجةً؛ فإنَّها حينَئذٍ تكونُ أقلَّ حَياءً.
وأخبَرَ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا كَرِهَ شَيئًا عُرِفَ في وَجْهِه، والمَعنى: أنَّه لا يَتكلَّمُ به لحَيائِه، بلْ يَتغيَّرُ وَجهُه، فتُفهَمُ كَراهَتُه، وكذا البِنْتُ الَّتي تَكونُ في خِدْرِها غالِبًا، لا تَتكلَّمُ في حُضورِ النَّاسِ، بلْ يُرى أثَرُ رِضاها وكَراهَتِها في وَجْهِها، وبهذا يَظهَرُ وَجهُ الارتِباطِ بيْن هذه الجُمْلةِ وأوَّلِ الحديثِ.
وهذا الحَياءُ يكونُ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما لم تُنتَهَكْ حُرُماتُ اللهِ، فإذا انتُهِكَتْ؛ فإنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَغضَبُ، ويُرشِدُ أصْحابَه ويُعنِّفُهم، ويَفعَلُ ما مِن شأْنِه تَوْجيهُ المؤمِنينَ، وحَمْلُهم على شَريعةِ اللهِ تعالَى.
وفي الحَديثِ: فَضيلةُ الحَياءِ، وأنَّه مَحْثوثٌ عليه، ما لم يَنتَهِ إلى الضَّعفِ والخَوَرِ.