باب كتاب المساجد ومواضع الصلاة

بطاقات دعوية

باب كتاب المساجد ومواضع الصلاة

حديث جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة، وأعطيت الشفاعة

خص الله سبحانه وتعالى النبي صلى الله عليه وسلم بما لم يخص به أحدا من الأنبياء قبله

وفي هذا الحديث يخبر صلى الله عليه وسلم بهذه الخصال التي لم تجتمع كلها لأحد من الأنبياء إلا له صلى الله عليه وسلم؛ الأولى: أنه نصر بالرعب مسيرة شهر، فيقذف في قلوب أعدائه الرعب وهو على بعد مسيرة شهر بينه وبينهم، كما قال تعالى: {سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله} [آل عمران:151]، وقال في قصة يوم بدر: {إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب} [الأنفال:12].الثانية: وجعلت الأرض له مسجدا وطهورا، وهذا مما خصت به هذه الأمة؛ فمتى أدركت الرجل الصلاة فإنه يصلي في المكان الذي تدركه فيه، وإن لم يجد الماء فإنه يتيمم بالتراب الطاهر وما في حكمه ثم يصلي، فالصلاة لا تختص بالمساجد المعدة لذلك فقط كما كان على الأمم السابقة، بل يصلي المسلمون حيث أدركتهم الصلاة من الأرض، وهذا لا ينافي أن الصلاة منهي عنها في مواضع مخصوصة من الأرض لمعنى يختص بها، كما نهي عن الصلاة في أعطان الإبل، وفي المقبرة، والحمام.وفي ذكره أن «التيمم» من خصائصه صلى الله عليه وسلم ما يشعر بأن الطهارة بالماء ليست مما اختص به عن الأنبياء، وإنما اختص بالتيمم تيسيرا وتخفيفا عند انعدام الماء، أو عدم القدرة على استخدامه.الثالثة: وأحلت له الغنائم، وهي التي يأخذها المسلمون في حربهم مع الكفار، وكل ما يحصلون عليه من الكفار قهرا، ولم تكن تحل للأنبياء قبله كما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «غزا نبي من الأنبياء؛ فجمع الغنائم، فجاءت نار لتأكلها...» الحديث.الرابعة: وكانت بعثته صلى الله عليه وسلم للناس كافة، فهو خاتم الأنبياء؛ ولذلك جعلت رسالته عامة لتصل إلى الخلق كلهم، وكان النبي قبله يبعث إلى قومه فقط، وعند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: «وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون».الخامسة: وأعطي الشفاعة، فيشفع للناس يوم القيامة في بدء الحساب، وهي الشفاعة العامة، أو الشفاعة العظمى، أو غيرها مما اختص به.والشفاعة التي اختص بها النبي صلى الله عليه وسلم من بين الأنبياء، ليست هي الشفاعة في خروج العصاة من النار؛ فإن هذه الشفاعة يشارك فيها الأنبياء والمؤمنون أيضا، كما تواترت بذلك النصوص، وإنما الشفاعة التي يختص بها صلى الله عليه وسلم من دون الأنبياء أربعة أنواع؛ أحدها: شفاعته للخلق في فصل القضاء بينهم، والثانية: شفاعته لأهل الجنة في دخول الجنة، والثالثة: شفاعته في أهل الكبائر من أهل النار، فقد قيل: إن هذه يختص هو بها، والرابعة: كثرة من يشفع له من أمته؛ فإنه وفر شفاعته وادخرها إلى يوم القيامة، وقد وردت روايات صحيحة فيها التصريح بأن هذه الشفاعة هي المرادة في هذا الحديث، مثل ما في الحديث الذي خرجه أحمد من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لقد أعطيت الليلة خمسا، ما أعطيهن أحد قبلي:...، والخامسة هي ما هي: قيل لي: سل؛ فإن كل نبي قد سأل، فأخرت مسألتي إلى يوم القيامة، فهي لكم ولمن شهد أن لا إله إلا الله».وقد ذكر بعضهم شفاعة خامسة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهي: شفاعته في تخفيف عذاب بعض المشركين، كما شفع لعمه أبي طالب، وجعل هذا من الشفاعة المختص بها نبينا صلى الله عليه وسلم. وزاد بعضهم شفاعة سادسة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهي: شفاعته في سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب.ومن تأمل النصوص والروايات علم أن الخصال التي اختص بها عن الأنبياء لا تنحصر في خمس، وقد ذكر مرة ستا، ومرة خمسا، ومرة أربعا، ومرة ثلاثا؛ بحسب ما تدعو الحاجة إلى ذكره.وفي الحديث: بيان مكانة النبي صلى الله عليه وسلم عند الله سبحانه وتعالى.وفيه: بيان تفاضل الأنبياء على بعضهم بفضل من الله تعالى