باب كف الشعر والثوب في الصلاة 2
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا عبد الله بن إدريس، عن الأعمش، عن أبي وائل
عن عبد الله، قال: أمرنا ألا نكف شعرا ولا ثوبا، ولا نتوضأ من موطئ (2).
علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سُنَنَ الصَّلاةِ وآدابَها وكذلك علَّمَنا سُننَ الوُضوءِ وآدابَه، وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه: "أمَرَنا"، أي: أمَرَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "ألَّا نَكُفَّ شعرًا ولا ثوبًا"، أي: لا نَقِيهما مِن التُّرابِ إذا صَلَّينا؛ صِيانةً لهما عنِ التَّتريبِ، ولكنْ نُرْسِلُهما حتَّى يَقَعَا بالأرضِ، فيَسجُدَا مع الأعضاءِ، وفي هذا بَيانٌ أنَّه غيرُ جائزٍ للمرْءِ أنْ يُصلِّيَ عاقِصًا شَعرَه بجَمْعِه في وسَطِ رأْسِه، أو لَفِّ ذُوائبِه حولَ رأْسِه كفِعْلِ النِّساءِ، كما لا يَنْبغي أنْ يُصلِّيَ كافًّا ثوبَه، يرفَعُ أسافِلَه مِن الأرضِ أو يُشَمِّرُ أكمامَه.
وقولُه: "ولا نتوضَّأَ مِن مَوْطِئٍ"، أي: نَهانا عن التوضُّؤِ ممَّا يُوطَأُ مِن الأذَى في الطَّريقِ، أراد: أنَّه لا يُعيدُ الوُضوءَ منه؛ لا أنَّهم كانوا لا يَغسِلونَ أرجُلَهم ولا يُنظِّفونَها مِن الأذى إذا أصابَها، وقيل: الحديثَ محمولٌ على النَّجاسةِ اليابِسةِ، وأنَّهم كانوا لا يَغسِلونَ الرِّجْلَ مِن مَسِّها، وقال البعضُ الآخرُ: إذا وَطِئَ الرَّجُلُ على المكانِ القذَرِ فلا يجِبُ عليه غسْلُ القدَمِ إلَّا أنْ يكون رَطبًا، فيغسِلَ ما أصابَه.
وفي الحديثِ: بيانُ تيسيرِ الشَّرعِ في أُمورِ الطَّهارةِ؛ تخفيفًا على النَّاسِ مع حِفْظِ أصْلِ الطَّهارةِ.
وفيه: الأمْرُ بإرسالِ الثِّيابِ الواسعةِ والشَّعرِ الطَّويلِ؛ ليسجُدَ مع المُصلِّي.