باب كف الشعر والثوب في الصلاة 3
سنن ابن ماجه
حدثنا بكر بن خلف، حدثنا خالد بن الحارث، عن شعبة (ح)
وحدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، أخبرني مخول، قال: سمعت أبا سعد رجلا من أهل المدينة يقول:رأيت أبا رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رأى الحسن بن علي وهو يصلي، وقد عقص شعره، فأطلقه -أو نهى عنه- وقال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي الرجل وهو عاقص شعره (1).
الصَّلاةُ عبادةٌ رُوحيَّةٌ عظيمةٌ، وهي صِلةٌ بينَ العَبدِ وبينَ اللهِ تعالى، ويَنبَغي ألَّا يَكونَ للشَّيطانِ فيها نَصيبٌ ولا مَدخَلٌ، وقد علَّمَنا النَّبيُّ الكريمُ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم الهيئاتِ المنهيَّ عَنها في الصَّلاةِ، كما علَّمَنا كيفيَّةَ تِجويدِها.
وكان الصَّحابةُ رِضْوانُ اللهِ علَيهم يأتَمِرون بأمرِ النَّبيِّ ويَهتَدون بهديِه، وينهَوْن عن المنكَرِ ويأمُرون بالمعروفِ بحسَبِ قواعدِ الشَّرعِ الحنيفِ.
وفي هذا الحَديثِ يَحكي أبو سَعيدٍ المَقبُريُّ رَضِي اللهُ عَنْه أنَّه "رأى أبا رافعٍ مَولى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم مرَّ بحسَنِ بنِ عليٍّ رَضِي اللهُ عَنْهما وهو يُصلِّي قائمًا، وقد غرَز ضَفْرَه في قَفاه"، أي: جمَع شَعرَه الطَّويلَ وضَمَّه وضَفَره خلْفَ رأسِه، "فحَلَّها أبو رافِعٍ"، أي: فجاء أبو رافِعٍ وحلَّ هذه الضَّفيرةَ والحسَنُ يُصلِّي، "فالتَفَت حسَنٌ إليه مُغضَبًا" وهُو في صَلاتِه ولم يَخرُجْ مِنها، فقال له أبو رافعٍ: "أقبِلْ على صَلاتِك ولا تغضَبْ؛ فإنِّي سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم يَقولُ: ذلك كِفْلُ الشَّيطانِ، يَعني: مَقْعَدَ الشَّيطانِ، يعني: مَغْرِزَ ضَفْرِه"، أي: إنَّ الشَّيطانَ يَقعُدُ في هذا المكانِ، فيَنبَغي عدَمُ فِعلِ ذلك، وفكُّ الشَّعرِ المضفورِ؛ حتَّى لا يَكونَ الشَّيطانُ حاضِرًا في الصَّلاة، وحتَّى يَسجُدَ الشَّعرُ معَ صاحبِه إذا سجَد.
وفي الحديثِ: الحثُّ على تَغييرِ المنكَرِ باليدِ لِمَن استَطاع ذلك وخاصَّةً للعُلَماءِ.
وفيه: النَّهيُ عن ضمِّ الشَّعرِ وتَضفيرِه للرِّجالِ؛ لأنَّه مَكانٌ لجُلوسِ الشَّيطانِ.