باب كم الوتر 1
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن يحيى بن عبد الله، قال: حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا شعبة، عن أبي التياح، عن أبي مجلز، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الوتر ركعة من آخر الليل»
كان الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عنهم والتَّابِعون رَحِمهم اللهُ مِن أحرَصِ النَّاسِ على تَتبُّعِ هدْيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم؛ ليَتعلَّموا هَدْيَه وسُنَّتَه، ثمَّ يُعلِّموه لمَن بعْدَهم، ولمَن سَألهم عن أحوالِه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم؛ مِن الصَّلاةِ والقيامِ، والتَّطوُّعِ وغيرِ ذلك
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابعيُّ أبو مِجْلَزٍ لاحِقُ بنُ حُمَيْدٍ أنَّه سَأل ابنَ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما عَنِ صَلاةِ الوِترِ، وعن عدَدِ رَكعاتِه، ووَقتِه الأفضلِ، فأجابَه ابنُ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما أنَّه سَمِع رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يَقولُ: »رَكعَةٌ مِن آخِرِ اللَّيلِ»، أي: أقلُّها رَكعةٌ تَكونُ في آخِرِ اللَّيلِ، وهذه الرَّكعةُ الواحدةُ الَّتي صلَّاها أخيرًا يَصيرُ بها جَميعُ صَلاةِ اللَّيلِ وِترًا بعْدَ أنْ كان شفْعًا، وآخِرُ اللَّيلِ هو آخِرُ وَقتِ صَلاةِ الوِترِ، وهو وقْتُ ما قبْلَ الفجرِ. وورَدَ عندَ مُسلمٍ في رِوايةٍ أُخرى: «فإنَّ صَلاةَ آخِرِ اللَّيلِ مَشهودَةٌ»؛ إذ تَشهَدُها مَلائكةُ الرَّحمةِ، وتَكونُ هذه الصَّلاةُ وقْتَ السَّحَرِ في وَقتِ النُّزولِ الإلهيِّ إلى السَّماءِ الدُّنيا نُزولًا يَليقُ بِجَلالِه، وذلكَ أفضلُ
وقدْ تَعدَّدَتِ صِفةُ وِترِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وصَلاتِه باللَّيلِ، وكَيفيَّةُ أدائِها، وعدَدُ ركَعاتِها، ومِن مَجموعِها يَتَبيَّنُ أنَّه يَجوزُ الوِترُ برَكعةٍ، وبثَلاثٍ، وبخَمسٍ، وبسَبعٍ، وبتِسعٍ، وبإحْدى عشْرةَ
وفي الحَديثِ: أنَّ أقلَّ الوِترِ رَكعةٌ
وفيه: أنَّ آخِرَ وَقتِ صَلاةِ الوِترِ آخِرُ اللَّيلِ
وفيه: بَيانُ التَّيسيرِ في أمرِ الصَّلاةِ، وأنَّ أداءَها تَكفي فيه رَكعةٌ