باب لا نكاح إلا بولي 1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا معاذ بن معاذ، حدثنا ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن الزهري، عن عروة
عن عائشة، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيما امرأة لم ينكحها الولي، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل. فإنأصابها، فلها مهرها بما أصاب منها، فإن اشتجروا، فالسلطان ولي من لا ولي له" (1).
لا بُدَّ للمرأةِ مِنْ وَليٍّ يقومُ على شأنِها، ولا يَصِحُّ لها أنْ تتصرَّفَ بدونِ إذنِه في النِّكاحِ؛ فلا تُزوِّجُ نَفْسَها بدونِ إذنِ وَليِّها.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "أَيُّما امرأةٍ نُكِحتْ بغيرِ إذنِ مَواليها"، أي: أيُّ امرأةٍ سَعَتْ في تَزويجِ نَفْسِها، أو زوَّجتْ نَفْسَها دونَ إذنٍ مِن أوليائِها، والمُرادُ بِهِم: عَصَبتُها من الرِّجالِ ووَلِيُّها مِنْهُم الأقربُ فالأقربُ، ولا يَدْخلُ فيهم ذَوو الأرحامِ، "فنِكاحُها باطِلٌ"، أي: لا يَصِحُّ ولا يُعْتَدُّ بِه، "ثلاثَ مَرَّاتٍ"، أي: كرَّرها ثلاثَ مرَّاتٍ، إسماعًا وتأكيدًا لأهمِّيَّتِه.
قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "فإنْ دَخَل بِها"، أي: جامَعَها الذي تَزوَّجها، والمرادُ: أنَّه قد عرَفَ وَليُّ الأمرِ بحالِها بَعْدَ الوقوعِ عليها مِمَّن تَزوَّجتْ بِه، "فالمهرُ لها"، أي: لها صَداقُها كاملًا؛ "بما أصاب مِنْها"، أي: بما اسْتَمْتَع بها واسْتَحَلَّ مِن فَرْجِها، وفي هذا إشارةٌ إلى فسْخِ الزَّواجِ وعدَمِ إمضائِه زواجَها منه بغيرِ وليٍّ، "فإنْ تَشاجروا"، أي: فإنْ تَنازَع أولياءُ المرأةِ واخْتَلفوا فيما بينَهم كانوا كالمَعْدومينَ "فالسُّلطانُ وَليُّ مَنْ لا وَليَّ له"، أي: إنْ عضَلَها أولياؤُها وامتنعوا مِن تحقيقِ رَغبتِها وتَزويجِها بمَن هو أهلٌ للزواجِ منها سقَطَتْ ولايتُهم عليها في هذا، وفي هذه الحالةِ ينتقلُ الأمرُ إلى السلطانِ، ويكونُ هو وليَّها، وإلَّا فلا وَلايةَ للسُّلطانِ معَ وُجودِ الوليِّ.