باب نكاح الصغار يزوجهن غير الآباء

سنن ابن ماجه

باب نكاح الصغار يزوجهن غير الآباء

حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، حدثنا عبد الله بن نافع الصائغ، حدثني عبد الله بن نافع، عن أبيه
عن ابن عمر، أنه حين هلك عثمان بن مظعون ترك ابنة له، قال ابن عمر: فزوجنيها خالي قدامة، وهو عمها، ولم يشاورها، وذلك بعدما هلك أبوها، فكرهت نكاحه، وأحبت الجارية أن يزوجها المغيرة بن شعبة، فزوجها إياه (1).

شرَعَ الإسلامُ الزَّواجَ وحدَّدَ شُروطَه وأركانَه، وبيَّنَ ما يحِلُّ فيه وما يحرُمُ، ومِن ذلك أنَّه جعَلَ للمَرأةِ الحقَّ في اختيارِ زَوجِها، ولا يتِمُّ تَزويجُها عن كُرْهٍ، وفي هذا يُخْبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ رضِيَ اللهُ عنهما: "أنَّه حين هلَكَ عُثمانُ بنُ مَظْعونٍ"، أي: مات- وكان رضِيَ اللهُ عنه أحدَ الصَّحابةِ العُبَّادِ الزُّهَّادِ-، "ترَكَ ابنةً له"، وكانت أُمُّها: خويلةُ بنتُ حكيمِ بنِ أُميَّةَ، كما في روايةِ أحمدَ، قال ابنُ عمرَ رضِيَ اللهُ عنهما: "فزوَّجَنيها خالي قُدامةُ"، أي: كان وليُّها قُدامةَ بنَ مَظْعونٍ، وهو خالُ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ؛ فإنَّ ابنَ عُمرَ أُمُّه زينبُ بنتُ مَظْعونٍ أُخْتٌ لعُثمانَ وقُدامةَ رضِيَ اللهُ عنهم، "وهو عمُّها"، أي: عمُّ ابنةِ عُثمانَ بنِ مَظْعونٍ، وهذا إشارةٌ إلى أنَّه يلي أمْرَها عندَ عقْدِ النِّكاحِ، "ولم يُشاوِرْها"، أي: في نكاحِها إلى ابنِ عمرَ، "وذلك بعدما هلَكَ أبوها فكرِهَت نكاحَه" أي: لم تقبَلْ بالزَّواجِ بابنِ عُمرَ، "وأحبَّتِ الجاريةُ أنْ يُزَوِّجَها المُغيرةَ بنَ شُعْبةَ، فزوَّجَها إيَّاه"، أي: زوَّجَها بعدَ فسْخِ النِّكاحِ الأوَّلِ بخيارِ البُلوغِ.
وقد جاء في روايةِ أحمدَ سبَبُ تَفضيلِها للمُغيرةِ بنِ شُعْبةَ رضِيَ اللهُ عنه، وهو ما قاله ابنُ عمرَ رضِيَ اللهُ عنهما: فخطَبْتُ إلى قُدامةَ بنِ مَظْعونٍ ابنةَ عُثمانَ بنِ مَظْعونٍ، فزوَّجَنيها، ودخَلَ المُغيرةُ بنُ شُعْبةَ- يعني إلى أُمِّها- فأرغَبَها في المالِ، فحَطَّت إليه، وحَطَّتِ الجاريةُ إلى هوى أُمِّها، فأبَيَا حتَّى ارتفَعَ أمْرُهما إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال قُدامةُ بنُ مَظْعونٍ: يا رسولَ اللهِ، ابنةُ أخي، أوصى بها إليَّ، فزوَّجْتُها ابنَ عمَّتِها عبدَ اللهِ بنَ عمرَ، فلم أُقَصِّرْ بها في الصَّلاحِ، ولا في الكَفاءةِ، ولكنَّها امرأةٌ، وإنَّما حطَّتْ إلى هوى أُمِّها، قال: فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «هي يَتيمةٌ، ولا تُنْكَحُ إلَّا بإذنِها». قال: فانتُزِعَتْ- واللهِ- منِّي بعدَ أنْ ملَكْتُها، فزَوَّجوها المغيرةَ.
وفي الحديثِ: إثباتُ خيارِ البُلوغِ للبنتِ إذا زوَّجَها غيرُ أبيها فلها الخيارُ بعدَ بُلوغِها: أنْ تُبْقِيَ على زواجِها، أو تفسَخَه، أو تُعيدَ العقْدَ مِن جديدٍ، بوليٍّ وشُهودٍ ومهْرٍ( )