باب لا يجني أحد على أحد 2

سنن ابن ماجه

باب لا يجني أحد على أحد 2

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن نمير، عن يزيد بن زياد (1)، حدثنا جامع بن شداد
عن طارق المحاربي، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه يقول: "ألا لا تجني أم على ولد، ألا لا تجني أم على ولد" (2).

الإسلامُ دِينُ العَدلِ بينَ البشَرِ في الدُّنيا قبلَ الآخرةِ، ومِن ذلك أنَّ مَن أتى بجِنايةٍ لا يُؤخَذُ بها غيرُه، وحتَّى وإنْ كان أقربَ النَّاسِ لصاحبِ الجنايةِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ طارقٌ المحاربيُّ رَضِي اللهُ عَنه: "أنَّ رجُلًا قال: يا رَسولَ اللهِ، هؤلاءِ بَنو ثَعلبةَ الَّذين قتَلوا فُلانًا في الجاهليَّةِ"، أي: مِن أحَدِ أقاربِه، وقَبلَ أن يُسْلِموا، "فخُذْ لنا بثَأرِنا"، أي: يُطالِبُ الرَّجلُ بالقِصاصِ لدَمِه، قال طارقٌ: "فرفَع"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "يدَيه، حتَّى رأيتُ بَياضَ إِبْطَيه"، وهذا بيانٌ لِمُبالغَتِه الشَّديدةِ في الرَّفعِ، "وهو يَقولُ: لا تَجْني أمٌّ على ولَدٍ- مرَّتين-"، أي: لا تتَعدَّى جنايةُ الأمِّ إلى ولَدِها، بل كلٌّ يُجازَى بجِنايَتِه لا يَحمِلُها عنه غيرُه، وقالها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مرَّتَين؛ تأكيدًا وإسماعًا لأهمِّيَّةِ ما يَقولُ؛ لأنَّه لا تَزِرُ وازِرةٌ وِزْرَ أُخرى .