باب لبس الحرير وافتراشه للرجال وقدر ما يجوز منه 1

بطاقات دعوية

باب لبس الحرير وافتراشه للرجال وقدر ما يجوز منه 1

عن أبي عثمان النهدي قال: أتانا كتاب عمر، ونحن مع عتبة بن فرقد بأذربيجان؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن [لبس] الحرير، إلا هكذا، وأشار [النبي - صلى الله عليه وسلم -] بإصبعيه اللتين تليان الإبهام، [وأشار أبو عثمان بإصبعيه المسبحة والوسطى]. قال: فيما علمنا إنه يعني الأعلام.
(ومن طريق ابن الزبير قال: سمعت عمر يقول: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
"من لبس الحرير في الدنيا، لم يلبسه في الآخرة").

أمْرُ الزِّينةِ واللِّباسِ في الإسلامِ واضحٌ في كِتابِ اللهِ عزَّ وجَلَّ وسُنَّةِ نَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقدْ قرَّرَ الشَّرعُ أُمورًا عامَّةً، يَجِبُ أنْ تُراعَى في هَيئةِ الثِّيابِ للرِّجالِ والنِّساءِ، ومنها تَحريمُ لُبْسِ الحريرِ للرِّجالِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ التابِعيُّ عِمرانُ بنُ حطَّانَ أنَّه سأل أمَّ المُؤمِنينَ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها عن لُبسِ الحَريرِ، فأحالَتْه إلى عبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما ليسألَه عن ذلك، فذهب عِمرانُ إلى عبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، فأحاله إلى ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما ليسألَه، فذهب عِمرانُ إلى ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما وسأله عن الحريرِ، فأخبره أنَّ أباه أبا حَفصٍ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه أخبَرَه عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: «إنَّما يَلْبَسُ الحَرِيرَ في الدُّنيا مَن لا خَلاقَ له في الآخِرَةِ» أي: مَن لا حَظَّ له ولا نَصِيبَ له في نَعِيمِها، وقيل: إنَّه يَدخُلُ الجنَّةَ ولكنْ لا يَتمتَّعُ بِلِبَاسِ الحَرِيرِ، مع أنَّ أهلَ الجنةِ لِباسُهم فيها حَرِيرٌ، وإنَّما يَلْبَسُ شيئًا آخَرَ. وهذا مِن التَّغليظِ والتَّشديدِ في النَّهيِ عن لُبْسِ الحَريرِ للرِّجالِ، وهو حَلالٌ للنِّساءِ، كما بيَّنَت الرِّواياتُ الصَّحيحةُ.
فلمَّا سمِعَ عِمرانُ مِن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما هذا الكلامَ صَدَّق عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه فيما نَقَل عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأبو حَفصٍ كُنيةُ أميرِ المُؤمِنينَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه.
وفي الحَديثِ: تَواضُعُ الصَّحابةِ رضِيَ الله عنهم، وما كان بيْنهم مِن اعترافِ بَعضِهم لبعضٍ بالفَضلِ والعِلمِ، وإحالةِ المسؤولِ منْهم على مَن يَظُنُّ أنَّه أعلَمُ منه.
وفيه: سؤالُ أهلِ العِلمِ عمَّا يحتاجُ إلى توضيحٍ وبيانٍ.


(ومن طريق عمران بن حطان (11): قال: سألت عائشة عن الحرير؟ فقالت: ائت ابن عباس فسله، قال: فسألته، فقال: سل ابن عمر، قال: فسألت ابن عمر، فقال: أخبرني أبو حفص -يعني عمر بن الخطاب- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
"إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة". فقلت: صدق، وما كذب أبو حفص على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).