باب لبس الحرير والذهب للنساء2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن يزيد بن أبي زياد، عن أبي فاختة، حدثني هبيرة بن يريم
عن علي، أنه أهدي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حلة مكفوفة بحرير، إما سداها وإما لحمتها، فأرسل بها إلي، فأتيته فقلت: يا رسول الله، ما أصنع بها؟ ألبسها؟ قال: "لا، ولكن اجعلها خمرا بين الفواطم" (2)
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أوَّلَ الناسِ امتثالًا لأوامِر اللهِ تعالى وأوَّلَهم اجتِنابًا لنواهيه؛ فكان يُطبِّقُ الأوامِرَ ويجتنبُ النَّواهِيَ على نَفْسِه أوَّلًا وعلى آلِ بيتِه ومَن يَليه مِن المسلِمين.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ علِيُّ بنُ أبي طالبٍ رَضِي اللهُ عنه: "أنَّه أُهدِيَ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حُلَّةٌ"، وفي روايةِ مُسلِمٍ: "أنَّ أُكَيْدِرَ دُومَةَ أهدَى إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ثوبَ حَريرٍ"، وقد حرَّم الإسلامُ لُبْسَ الحَريرِ على الرِّجالِ وأحَلَّه للنِّساءِ، والحُلَّةُ: إزارٌ ورِداءٌ مِن جنسٍ واحدٍ، "مَكْفوفةٌ بحَريرٍ"، أي: مَنسوجةٌ بخيوطٍ حَريرٍ، "إمَّا سَدَاها وإمَّا لُحْمَتُها"، أي: كان الحَريرُ إمَّا في خُيوطِها العَرضيَّةِ أو الطُّوليَّةِ، "فأرسَل بها إليَّ"، أي: أعطاه لعَلِيٍّ رَضِي اللهُ عنه، "فأتيتُه فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، ما أصنَعُ بها؟ أَلبَسُها؟"، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "لا، ولكن اجعَلْها خُمُرًا بينَ الفَواطِمِ"، أي: قَطِّعْها أَخْمِرَةً لِسَترِ الرُّؤوسِ ووَزِّعْها بينَ الفواطِمِ. وفي روايةٍ أخرى قال عليٌّ: "فلَبِستُها، فرأيتُ الكراهةَ في وجهِه، فأطَرتُها خُمرًا بينَ النِّساءِ"؛ وذلك أنَّ الحريرَ مُحرَّمٌ على الرِّجالِ، وقد ورَدَتْ روايةٌ أخرى تُبيِّنُ المقصودَ بالفواطمِ، فقال عليٌّ: "فشَقَقتُ مِنها أربعةَ أَخمِرَةٍ: خِمارًا لِفاطمةَ بنتِ محمَّدٍ"، وهي بنتُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "وخِمارًا لفاطمةَ بنتِ أسَدٍ"، وهي أمُّ علِيٍّ وزوجةُ أبي طالبٍ، "وخِمارًا لفاطمةَ بنتِ حَمزةَ" ابنِ عبدِ المطَّلِبِ، وهي ابنةُ عمِّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ولم يَذكُرِ الرَّابعةَ"؛ فقيل: لعَلَّها فاطِمَةُ امرَأةُ عَقِيلِ بنِ أبي طالِبٍ، معَ الاختِلافِ في اسمِ أبيها.
وفي الحديثِ: بيانُ تحريمِ لُبسِ الحريرِ على الرِّجالِ وتَحليلُه للنِّساءِ( ).