باب ما أنفق العبد من مال مولاه 2
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه وما أنفقت من كسبه من غير أمره فإن نصف أجره له. (م 3/ 91
حقُّ الزَّوجِ على زَوجتِه عَظيمٌ، وطاعتُه في غيرِ مَعصيةِ اللهِ تعالَى لازمةٌ.
وفي هذا الحديثِ يُبيِّن الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعضَ حُقوقِه وبعضَ ما يَلزَمُ الزَّوْجةَ طاعتُه فيه، حيث نَهى أنْ تَصومَ المَرأةُ وزَوجُها حاضِرٌ إلَّا بإذنِهِ، وهذا في صَوْمِ التَّطَوُّعِ؛ فإنَّ له مَنْعَها مِن التَّنَفُّلِ إذا أرادَ ذلك، أمَّا الفَرضُ فَلا.
وكذلك نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الزَّوجةَ أنْ تُدْخِلَ أحَدًا بَيتَ زوجِها -سواءٌ كان رَجُلًا أو امرأةً- إلَّا بإذنِهِ؛ فإنَّ ذلك يوجِبُ سُوءَ الظَّنِّ، ويبعَثُ الغيرةَ التي هي سَبَبُ القطيعةِ.
ثُمَّ بَيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّهُ إذا أنفَقَتِ المَرأةُ مِنْ كَسْبِ زَوجِها عن غيرِ أمْرهِ الصَّريحِ، مع عِلْمِها برِضاهُ دَلالةً، أو مِمَّا يُعلَمُ عُرْفًا أنَّه يَسمَحُ به؛ كالطَّعامِ والقَدْرِ اليَسيرِ مِن المالِ، وأمَّا إذا أنفقَتْ مِن مالِه قدْرًا كبيرًا بغَيرِ إذْنِه؛ لا الصَّريحِ، ولا المأخوذِ مِن العُرفِ؛ فلا يكونُ لها أجرٌ، بلْ عليها وِزرٌ، فإذا أنفَقَتْ هذِه النَّفقةَ تَبتغِي بها وَجْهَ اللهِ تعالَى؛ فإنَّ الزَّوجَ يُعْطى نِصْفَ الأَجْرِ، فيكونُ لها أجرُها بما أنفقَتْ، ولزَوجِها أجْرُه بما كسَبَ. وقيل: المعْنى: فيَتأدَّى إلى الزَّوجِ مِن أمْرِ الصَّدقةِ مِثلُ ما يُؤدَّى إلى زَوجتِه المُتصدِّقةِ مِن الأجْرِ، ويَصيرانِ في الأجْرِ نِصفَينِ سَواءً، وهذا يَقتضي المُساواةَ. وهذِه النَّفقةُ -أي: نَفقةُ الصَّدقةِ التي يَكونُ للزَّوجِ فيها نِصْفُ الأجْرِ- قيل: هي التي تَكونُ بعْدَ نَفَقتِه علَى بيْتِه وأولادِه وكِفايتِهم ما يَحتاجونَ إليه دُونَ إسرافٍ أو تَبْذيرٍ. وقيل: هي التي تكونُ مِن المالِ الذي يُعطيهِ الرَّجُلُ في نَفقةِ المَرأةِ وبيْتِها، فإذا أنفقَتْ منه بغيرِ عِلمِه كان الأجرُ بيْنهما؛ للرَّجُلِ باكتسابِه، ولأنَّه يُؤجَرُ على ما يُنفِقُه على أهلِه، وللمرأةِ لكونِ ذلك مِن النَّفقةِ التي تَختصُّ بها.
وفي الحَديثِ: أنَّ حَقَّ الزَّوجِ آكَدُ على المرأةِ مِنَ التَّطوُّعِ بالخيرِ؛ لأنَّ حقَّه واجبٌ، والقيامُ بالواجبِ مُقَدَّمٌ على القيامِ بِالتَّطَوُّعِ.
وفيهِ: إثابةُ الإنسانِ على الخَيرِ إذا كان سببًا فيه، ولو لم يَعلَمْ.