باب ما بين النفختين أربعون ويبلى الأنسان إلا عجب الذنب
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بين النفختين أربعون قالوا يا أبا هريرة أربعون (4) يوما قال أبيت (5) قالوا أربعون شهرا قال أبيت قالوا أربعون سنة قال أبيت قال ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل قال وليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة. (م 8/ 210)
النَّفخُ في الصُّورِ مِن مَسائلِ اليَومِ الآخِرِ التي يَجِبُ اعتِقادُها والإيمانُ بها دونَ أدْنى شكٍّ أو رَيْبٍ، والصُّورُ: قَرْنٌ عَظيمٌ، لا يَعلَمُ عظمَتَه إلَّا خالِقُه، ثُمَّ مَن أطلَعَهُ اللهُ على عِلْمِه مِن خَلْقِه، يَنفُخُ فيه إسرافيلُ عليه السَّلامُ نَفختَيْنِ؛ نَفخةَ الصَّعْقِ التي تَموتُ الخلائقُ عندها، ونَفخةَ البَعْثِ التي يَحْيَون عندها
وفي هذا الحديثِ يُبيِّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُدَّةَ ما بيْن النَّفختَين، فيقولُ: «ما بَينَ النَّفختَين أربعونَ»، ولَم يُبيِّن هل هي سَنةٌ، أو يومٌ، أو شَهْرٌ
فسُئِل أبو هُرَيرةَ: هلْ هي أَربعونَ يومًا؟ فقال: أَبَيتُ -أي: امتنَعْتُ عن القولِ بتَعيينِ ذلك-، فقالوا: أربعونَ شَهرًا؟ فقال: أَبيتُ. فقالوا: أربعون سَنةً؟ فقال: أَبيتُ، وقد أبَى إخبارَهم بذلك؛ إمَّا لكونِه لم يكُنْ يَعلَمُ ذلك، أو سكَتَ ليُخبرَهم في وقْتٍ آخَرَ
ثمَّ قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «ثُمَّ يُنزِل اللهُ من السَّماءِ ماءً فيَنبُتون»، أي: الأمواتُ، «كما يَنبُتُ البَقلُ»، أي: الزَّرعُ، وأخبر صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه بعد موت الإنسانِ تَبلى عظامُه كُلُّها وتكونُ تُرابًا، فلا يبقى من عظامِ الإنسانِ شَيءٌ إلَّا عَظْمٌ واحدٌ، وهو عَجْبُ الذَّنَبِ، وهو العَظمُ اللَّطيفُ الَّذي في أسفلِ الصُّلبِ، وهو رَأسُ العُصْعصِ، ويقالُ له: (عَجْم) بالمِيم، وهو أوَّلُ ما يُخلَقُ مِن الآدميِّ، وهو الَّذي يَبقى مِنه ليُعادَ تَركيبُ الخَلقِ عليه يومَ القيامةِ، وهذا يكونُ في غَيرِ الأنبياءِ؛ فإنَّ اللهَ حرَّم على الأرضِ أجسادَهم، وكذلك الشُّهَداءُ ونحوُهم